الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر اختلاف أهل العلم في

                                                                                                                                                                              صفة صلاة الإمام صلاة المغرب في الخوف

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في صفة صلاة الإمام صلاة المغرب في حال الخوف؛ فقالت طائفة: يصلي الإمام ستا ويصلون ثلاثا ثلاثا. هذا قول الحسن، قال الأشعث - وهو الراوي ذلك عنه - : يصلي هؤلاء ثلاثا، ثم ينصرفون، ثم يصلي بهؤلاء ثلاثا.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان، وهو: أن يصلي الإمام بالطائفة الأولى ركعتين، ثم يتشهد بهم ويقوم، فإذا قام ثبت قائما وأتم القوم لأنفسهم، ثم سلموا، ثم تأتي الطائفة الأخرى فيصلي بهم ركعة، ثم يسلم بهم، ولا يسلمون هم، فإذا سلم الإمام قاموا فأتموا ما بقي عليهم من صلاتهم هذا قول مالك، وهو مذهب الأوزاعي .

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: قاله الثوري، قال: يقوم الإمام، ويقوم خلفه صف، وصف موازي العدو في غير صلاته، فيصلي بالصف الذي خلفه ركعة، ثم ينصرفون على أعقابهم فيصفون موازي العدو، ويجيء الصف الآخر فيصلون مع الإمام ركعة، ثم يقومون فينطلقون إلى مصافهم والإمام قاعد، ويجيء الأولون والإمام قاعد، فيركعون ويسجدون، ولا يقرؤون، ويجلسون مع الإمام، ثم يقوم بهم فيصلي بهم الثالثة، ثم يسلم الإمام، فينطلقون إلى مصافهم، ويجيء الآخرون فيصلون ركعة يقرؤون فيها، ثم يجلسون فيتشهدون، ثم يقومون مكانهم فيصلون ركعة أخرى لا يقرؤون فيها إلا بفاتحة الكتاب إن شاؤوا، ويتشهدون ويسلمون. [ ص: 22 ]

                                                                                                                                                                              وقيل لأحمد بن حنبل: سئل سفيان عن صلاة المغرب إذا كان خوفا كيف تصلي؟ قال: ركعتين وركعة، قال أحمد: جيد لا يقصر، قال إسحاق كما قال.

                                                                                                                                                                              وفيه قول رابع: قاله الشافعي، وهو يقرب من قول مالك، إلا ما اختلفا فيه من قضاء المأمومين ما عليهم من الصلاة، قال الشافعي : وإذا صلى الإمام مسافرا صلاة المغرب صلى بالطائفة الأولى ركعتين، فإن قام فأتموا لأنفسهم فحسن، وإن ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم ثم قام وصلى الركعة الباقية عليه بالذين خلفه الذين جاؤوا بعد فجائز إن شاء الله، وأحب الأمرين إلي أن يثبت قائما؛ لأنه إنما حكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت قائما، ولو صلى بالطائفة الأولى ركعة وثبت قائما وأتموا لأنفسهم، ثم صلى بالثانية ركعتين أجزأه إن شاء الله.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: والفرق بين قول مالك وقول الشافعي أن الشافعي : يأمر بأن يثبت الإمام جالسا حتى تتم الطائفة الثانية الصلاة، ثم يسلم بهم، و مالك: يرى أن يسلم الإمام، ثم يقضون بعد تسليمه.

                                                                                                                                                                              وقال أصحاب الرأي: إذا كانت الصلاة صلاة المغرب يفتتح الصلاة ومعه طائفة وطائفة بإزاء العدو، فيصلي بالطائفة الذين معه ركعتين، ثم تقوم الطائفة فتأتي مقامهم فيقفون بإزاء العدو، ومن غير أن يتكلموا ولا يسلموا، وتأتي الطائفة الذين كانوا بإزاء العدو فيدخلون [ ص: 23 ] مع الإمام في الصلاة فيصلي بهم ركعة ويتشهد ويسلم، ثم تقوم الطائفة الذين معه من غير أن يتكلموا ولا يسلموا، فيأتون مقامهم ويصفون بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي صلت مع الإمام الركعتين الأوليين، فيأتون مقامهم الذين صلوا فيه فيقضون ركعة وسجدتين وحدانا بغير إمام ولا قراءة ويتشهدون ويسلمون، ثم يقومون فيأتون مقامهم بإزاء العدو، وتجيء الطائفة التي صلت مع الإمام الركعة الثالثة فيأتون مقامهم الذين صلوا فيه فيقضون ركعتين ركعتين بقراءة وحدانا ويتشهدون ويسلمون، ثم يأتون مقامهم فيقفون مع أصحابهم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية