الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر قول من قال: سترة الإمام سترة لمن خلفه

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أكثر من نحفظ عنه من أهل العلم يرون أن سترة الإمام سترة لمن خلفه، ثبت أن عمر بن الخطاب كان [ربما] يركز العنزة فيصلي إليها والظعائن يمرون أمامه. وروينا عن ابن عمر أنه قال: سترة الإمام سترة من وراءه.

                                                                                                                                                                              2465 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، وابن عيينة، عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، قال: إن كان عمر [ربما] يركز العنزة فيصلي بنا إليها والظعائن يمرون أمامه.

                                                                                                                                                                              2466 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن عبد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: سترة الإمام سترة من وراءه، قال عبد الرزاق: وبه نأخذ وهو الذي عليه الناس.

                                                                                                                                                                              وكذلك قال النخعي، ومالك بن أنس، والأوزاعي، وأحمد بن حنبل. وقال مالك: لا أكره أن يمر الرجل بين الصفوف والإمام يصلي بهم، قال: لأن الإمام سترة لهم، قال: وكان سعد بن أبي وقاص يدخل يمشي بين الصفوف والناس في الصلاة حتى يقف في [ ص: 98 ] مصلاه، يمشي عرضا بين أيدي الناس. وقال أصحاب الرأي في رجل صلى بقوم وبين يديه رمح قد نصب، أو قصبة، وليس بين يدي أصحابه الذين خلفه شيء، قال: تجزئهم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد قيل غير ذلك، قال الحسن، وابن سيرين: صلى الحكم الغفاري بالناس وقد ركز بين يديه رمحا، فمر حماران يتقادمان بين أيديهم، قال أحدهما: قال الحكم: أما أنا ومن خلفي فقد سترنا الرمح، وأعاد الآخرون. وقال الآخر: أعاد بهم جميعا، وقد روي قريب من هذا المعنى عن عطاء.

                                                                                                                                                                              مسألة:

                                                                                                                                                                              قال أصحاب الرأي في امرأة صلت مع قوم في صف وهي تصلي بصلاة الإمام، قال: أما صلاتها تامة، وصلاة القوم تامة ما خلا الذي كان عن يمينها والذي كان عن يسارها والذي خلفها بحيالها، فإن هؤلاء الثلاثة يعيدون الصلاة، لأن هؤلاء الثلاثة قد ستروا من خلفهم من الرجال، فصار كل رجل منهم بمنزلة الحائط بين المرأة وبين أصحابه، ثم قالوا: ويستحسن إذا [كان] صف من نساء تام أن أفسد صلاة من خلفهن من الرجال وإن كان عشرين صفا. ولم يجعلوا الصف الذي يلي هذا الصف بمنزلة الحائط. [ ص: 99 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وفيه قول ثان: وهو أن صلاة من صلى أمام المرأة وعن يمينها وعن يسارها ومن خلفها تامة، لا يجوز أن تفسد صلاتهم (فمقامها) في أي مقام قامت، وذلك أن الصلاة إذا انعقدت لم يجز إفسادها بغير حجة. وهذا على مذهب الشافعي، وبه قال أبو ثور، وقد ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم صلى وعائشة بينه وبين القبلة معترضة كاعتراض الجنازة.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثالث: قاله إسحاق، قال: في المرأة إذا كانت بجنب رجل يصلي، وهي تصلي في الصف معه، أو تقتدي به، فإن صلاتها فاسدة، وصلاة الرجل جائزة؛ لأنها عاصية؛ لما أمرت أن تكون وحدها في آخر الصفوف، والرجل الذي بجنبها مطيع لله وللرسول، فلا تكون العاصية تفسد على المطيع لله [ ص: 100 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية