الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الأمر بزر القميص والجبة إذا صلى المرء في أحدهما ولا ثوب عليه غيره

                                                                                                                                                                              2379 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال: ثنا مسدد، قال: حدثنا عطاف بن خالد المخزومي، قال: حدثني موسى بن إبراهيم المخزومي: أنه سمع سلمة بن الأكوع يقول: قلت: يا رسول الله إني أكون في الصيد فأصلي وليس علي إلا قميص واحد؟ قال: "فازرره، ولو لم تجد إلا بشوكة".

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم صلوا في قمصهم. روينا عن جابر بن عبد الله أنه صلى في قميص واحد، وفعل ذلك ابن عمر.

                                                                                                                                                                              وروينا عن ابن عباس، وأبي أمامة، ومعاوية بن أبي سفيان، والنخعي، وعطاء، وعكرمة، وسعيد بن المسيب، وطاوس أنهم كانوا لا يرون بأسا بالصلاة في القميص [ ص: 43 ]

                                                                                                                                                                              2380 - حدثنا موسى، قال: نا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، قال ثنا عكرمة بن عمار، عن عطاء، عن جابر: أنه أمهم في قميص واحد.

                                                                                                                                                                              2381 - وحدثنا موسى، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا أبان بن صمعة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: لا بأس بالقميص الواحد إذا كان صفيقا.

                                                                                                                                                                              2382 - حدثنا موسى، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل السراج، عن مجاهد، عن ابن عمر: أنه صلى في قميص ليس عليه شيء غيره.

                                                                                                                                                                              2383 - حدثنا موسى، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا زيد بن حباب، عن معاوية بن صالح، عن موسى بن يزيد، قال: سمعت أبا أمامة - وسئل عن الصلاة في القميص الواحد - قال: لا بأس به، وفي (الريطة) إذا توشحت بها فلا بأس بها.

                                                                                                                                                                              2384 - حدثنا موسى، قال: ثنا أبو بكر، قال: ثنا وكيع، قال: ثنا شعبة، عن سعد بن إبراهيم، عن أبيه، قال: أمنا معاوية في قميص.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وفعل ذلك سالم، والحكم، وأبو عبد الرحمن [ ص: 44 ] السلمي، وكان سفيان الثوري، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وإسحاق لا يرون بذلك بأسا إذا كان صفيقا، وقال الشافعي : يزره، أو يخله بشيء، أو (يربطه) ؛ لئلا يتجافى القميص فيرى من الجيب عورته أو (يراها) غيره، فإن لم يفعل أعاد الصلاة.

                                                                                                                                                                              وقال أحمد: إذا كان ضيق الجيب لا ترى عورته، فحكى الأثرم، عن أحمد أنه قال: إن كانت لحيته تغطي، ولم يكن القميص متسع الجيب وكان يستر فلا بأس، وحكي عن داود الطائي أنه قال: إذا كان عظيم اللحية فلا بأس. وكان الأوزاعي يقول: لا أرى بأسا بالصلاة في القميص (انكشف شد) عليك زرك.

                                                                                                                                                                              وقد روينا عن سالم بن عبد الله: أنه صلى محللة أزراره. وقال مالك - فيمن صلى محلول الأزرار وليس عليه سراويل ولا إزار: [ ص: 45 ] تجزئه صلاته، وقال أبو ثور: يصلي في قميص بلا رداء ولا سراويل إذا كان صفيقا، وإن لم يزره عليه أجزأه. ورخص فيه أصحاب الرأي وقالوا: لا بأس به إذا كان صفيقا.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ستر العورة في الصلاة يجب، والمغني في الأمر إذا صلى في القميص أن يزره، أو يخله بشيء، أو يربطه؛ لئلا ترى العورة - ما دام في الصلاة - بحال، فإذا لم ترى العورة في حال من الحال لضيق الجيب، أو عظم اللحية، أو غير ذلك، فلا إعادة على من صلى هكذا، وإن كانت العورة ترى في حال الركوع أو السجود في الصلاة فعلى من صلى هكذا الإعادة.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية