الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الوالي والولي يحضران الصلاة على الجنازة

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في صلاة الأمير، أو الإمام على الجنازة ووليها حاضر؛ فقال أكثر أهل العلم؛ الإمام أحق بالصلاة عليها من الولي. روينا عن علي بن أبي طالب أنه قال: الإمام أحق من صلى على الجنازة. وليس بثابت عنه. وهذا قول علقمة، والأسود، وسويد بن غفلة، والحسن البصري، وبه قال جماعة من المتقدمين.

                                                                                                                                                                              وقال مالك: الوالي أحق، وكذلك قال أحمد، وإسحاق، وقال أصحاب الرأي: إمام الحي أحق بالصلاة عليه.

                                                                                                                                                                              وفيه قول ثان: قاله الشافعي، قال: الولي أحق بالصلاة من الوالي.

                                                                                                                                                                              روينا عن الضحاك أنه قال لأخيه عند موته: لا يصلين علي غيرك، ولا تدعن الأمير يصلي علي، واذكر مني ما علمت. [ ص: 435 ]

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: النظر يحتمل ما قاله الشافعي غير أن مذهبه ومذهب عوام أهل العلم القول بالأخبار إذا جاءت، وترك حمل الشيء على الظن عند وجود الأخبار.

                                                                                                                                                                              3058 - حدثنا إسحاق، بن إبراهيم، قال: ثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن سالم، عن أبي حازم قال: شهدت حسينا حين مات الحسن رضي الله عنهما وهو يدفع في قفا أبي إسحاق، وهو يقول: تقدم، فلولا السنة ما قدمتك - وسعيد أمير المدينة .

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وقد كان بحضرته في ذلك الوقت خلق من المهاجرين والأنصار، فلما لم ينكر أحد منهم ما قال دل على أن ذلك كان عندهم حقا، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              وليس في هذا الباب أعلى من هذا؛ لأن جنازة الحسن بن علي حضرها عوام الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وغيرهم على ما نرى، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: ودل حديث عمرو بن سلمة على ذلك.

                                                                                                                                                                              3059 - حدثنا يحيى، قال: ثنا مسدد، قال: ثنا يحيى، قال: ثنا مسعر الجرمي، قال: حدثنا عمرو بن سلمة يقول: إن أباه وأناسا من قومه وفدوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم [حين] أسلم الناس وتعلموا القرآن، ثم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم من يصلي بنا؟ - أو من يصلي لنا؟ - قال: "يصلي بكم - أو "يصلي لكم - أكثركم أخذا، أو أكثرهم جمعا للقرآن"، فلم يجدوا أحدا جمع أكثر مما جمعت - أو أخذت - وأنا غلام، وعلي شملة، [ ص: 436 ] فصليت بهم - أو صليت لهم - فلم أزل إمام جرم إلى يومي هذا - فكان يؤمهم في مسجدهم ويصلي على جنائزهم.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وهذا الحديث موافق لحديث أبي مسعود الأنصاري: "يؤم القوم أقرؤهم"، فلو لم يكن حديث الحسن بن علي موجودا في هذا الباب، ثم قال قائل: يدخل في قوله: "يؤم القوم أقرؤهم" الصلوات المكتوبات، وعلى الجنائز، ما كان بعيدا، والله أعلم؛ لأن اسم الله يقع على الصلاة على الميت، قال الله جل ذكره: ( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره ) [التوبة: 84] ، وثبتت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صلوا على صاحبكم"، وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على النجاشي، والأخبار تكثر في هذا الباب، والله أعلم.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية