الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس

                                                                                                                                                                              اختلف أهل العلم في الجهر بالقراءة في صلاة خسوف الشمس؛ فقالت طائفة: يجهر بالقراءة فيها. فممن روينا عنه أنه جهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس: علي بن أبي طالب، وفعل ذلك عبد الله بن [ ص: 305 ] يزيد، وبحضرته البراء بن عازب وزيد بن أرقم. وبه قال أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه.

                                                                                                                                                                              2870 - حدثنا يحيى بن محمد بن يحيى، قال: ثنا أحمد بن يونس، قال: ثنا زهير، قال: ثنا أبو إسحاق قال: خرج عبد الله بن يزيد الخطمي يستسقي وخرج فيمن خرج معه البراء بن عازب، وزيد بن أرقم - قال أبو إسحاق: وأنا معه يومئذ - فقام قائما على رجليه على غير منبر، (فاستسقى) ، ثم صلى ركعتين ونحن خلفه، يجهر فيهما بالقراءة، ولم يؤذن يومئذ، ولم يقم.

                                                                                                                                                                              2871 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري، عن سليمان الشيباني، عن الحكم، عن حنش، عن علي، أنه أم الناس في المسجد لكسوف الشمس، فجهر بالقراءة. [ ص: 306 ]

                                                                                                                                                                              وقالت طائفة: لا يجهر في كسوف الشمس بالقراءة. هذا قول مالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. واحتج مالك والشافعي بحديث ابن عباس ، قالا: لو كان النبي عليه السلام جهر بالقراءة لخبر بالذي قرأ، ولم يقدر ذلك بغيره. واحتج آخر بحديث سمرة.

                                                                                                                                                                              2872 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا أبو نعيم، قال: سفيان ، عن الأسود بن قيس، عن ابن عباد، عن سمرة بن جندب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس، لا يسمع له صوت.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: واحتج من رأى الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس بأن الذي احتج به مالك، والشافعي حجة لو لم يأت غيره، [ ص: 307 ] قال: وعائشة تخبر أنه جهر بالقراءة، فإن قبول خبرها أولى؛ لأنها في معنى شاهد، فقبول شهادتها يجب، والذي لم (يحك) الجهر في معنى ناف، وليس بشاهد. [و]قد يجوز أن يكون ابن عباس من الصفوف بحيث لم يسمع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم فقدر ذلك بغيره، وتكون عائشة سمعت الجهر فأدت ما سمعت.

                                                                                                                                                                              وقال إسحاق: لو لم يأت في ذلك سنة لكان أشبه الأمرين الجهر تشبيها بالجمعة والعيدين والاستسقاء وكل ذلك نهارا، قال: وأما كسوف القمر، فقد اجتمعوا على الجهر في صلاته؛ لأن قراءة الليل على الجهر.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: بهذا أقول؛ يجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس والقمر.

                                                                                                                                                                              2873 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: ثنا الحسين بن الربيع، قال: ثنا أبو إسحاق الفزاري عن سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة [قالت]: انخسفت الشمس، أو انكسفت الشمس قالت: فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجهر بالقراءة. [ ص: 308 ]

                                                                                                                                                                              2874 - ومن حديث إسحاق، قال: أخبرنا الوليد بن [مسلم] ، عن عبد الرحمن بن نمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس وجهر بالقراءة، فلما ركع قال: "سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد".

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية