الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر الصلاة بعد الوتر

                                                                                                                                                                              2682 - حدثنا أبو غانم، قال: ثنا أبو الوليد قال حصين بن نافع : ثنا عن الحسن، عن سعد بن هشام، عن عائشة وسألتها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالت: كان يصلي ثمان ركعات ويوتر بالتاسعة، فلما بدن وأسن صلى ستا وأوتر بالسابعة، ثم صلى ركعتين وهو جالس، قالت: فلم يزل على ذلك حتى قبض .

                                                                                                                                                                              وقد اختلف أهل العلم في الصلاة بعد الوتر؛ فكان قيس بن عباد يقول: أقرأ وأنا جالس أحب إلي من أن أصلي بعدما أوتر، وكان مالك بن أنس لا يعرف الركعتين بعد الوتر، وقال الأوزاعي : إن شاء ركعهما، وقال أحمد بن حنبل: أرجو إن فعله إنسان لا يضيق عليه، وقال أحمد: لا أفعله.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: الصلاة في كل وقت جائز، إلا وقتا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيه، والأوقات التي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة فيها: وقت طلوع الشمس، ووقت الزوال، ووقت غروب الشمس، والصلاة في سائر الأوقات طلق مباح، ليس لأحد أن يمنع فيها إلا بحجة، [ ص: 203 ] ولا حجة مع من كره الصلاة بعد الوتر، فدل فعله هذا على أن قوله: "اجعلوا آخر صلاتكم وترا" على الاختيار لا على الإيجاب، فنحن نستحب أن يجعل المرء آخر صلاته وترا، ولا نكره الصلاة بعد الوتر، وقائل هذا قائل بالخبرين جميعا.

                                                                                                                                                                              2683 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال: ثنا عفان، قال: ثنا همام، قال: ثنا قتادة، عن زرارة بن أوفى، أن سعد بن هشام حدثه، قال: قلت لعائشة: يا أم المؤمنين، حدثيني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: نعم اجلس، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرقد فنعد له سواكه ووضوءه، فيبعثه الله لما يشاء أن يبعثه، فيقوم فيتسوك، ثم يتوضأ، ثم يصلي ثمان ركعات لا يجلس فيهن، فإذا كان في الثامنة جلس فحمد الله وأثنى عليه، ثم يقوم فلا يسلم فيركع ركعة، ثم يحمد الله ويثني عليه، ثم يسلم حتى يسمعني التسليم، ثم يركع ركعتين وهو جالس، فتلك إحدى عشرة ركعة، فلما دق وأسن وكثر لحمه صلى سبع ركعات، قالت: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة داوم عليها، قالت: وكان إذا فاته القيام من الليل صلى ثنتي عشرة ركعة من النهار.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: في هذا الحديث سنن مذكورة في مواضعها، وفيه دليل على أن الوتر لا يقضى بالنهار؛ ولأنها لما خبرت بصلاته بالليل وبوتره، ثم خبرت (لما) وصفت ما كان يفعل إذا فاته قيام الليل، ولم تذكر قضاء [ ص: 204 ] الوتر، دل على أن الوتر إذا فات وقته لم يقض.

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية