الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                              ذكر استعداد الكفن قبل الموت

                                                                                                                                                                              2970 - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا القعنبي، قال: ثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد، أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتها - فقال سهل: تدرون ما البردة؟ قالوا: الشملة - قال: نعم هي الشملة، فقالت: يا رسول الله، نسجت هذه بيدي، فجئت لأكسوكها قال: فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم [محتاجا] إليها، فخرج علينا وإنها لإزاره، قال: فحسنها فلان ابن فلان - لرجل سماه - فقال: يا رسول الله، ما أحسن هذه [ ص: 393 ] البردة! اكسنيها، قال: "نعم"، فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم طواها فأرسل بها إليه، فقال له القوم: والله ما أحسنت، كسيها رسول الله صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها، ثم سألته إياها، وقد علمت أنه لا يرد سائلا، قال: إني والله ما سألته إياها لألبسها، ولكني سألته إياها، لتكون كفني يوم أموت، قال سهل: فكانت كفنه يوم مات.

                                                                                                                                                                              مسائل من الباب :

                                                                                                                                                                              كان أيوب السختياني يطبق وجه الميت بقطن بعدما يفرغ من غسله، وكان ابن سيرين لا يفعل .

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: يؤخذ الكرسف فيوضع عليه الكافور، ثم يوضع على فيه، ومنخريه، وعينيه، وموضع سجوده. وكان أحمد لا يعرف وضع القطن على العين.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: لم نجد في وضع القطن على الوجه سنة، ولا أحب أن يفعل ما لا سنة فيه.

                                                                                                                                                                              واختلفوا في حشو دبر الميت؛ فكان عطاء بن أبي رباح والحسن يريان ذلك، وبه قال إسحاق وقال: (يحشو في الحشو) ، ويرفق في ذلك. [ ص: 394 ]

                                                                                                                                                                              وكان الشافعي يقول: يؤخذ القطن منزوع الحب، فيجعل فيه الحنوط، والكافور، وألقي على الميت ما يستره، ثم أدخل بين أليتيه إدخالا بليغا وأكثر، ليرد شيئا إن جاء منه عند تحريكه إذا حمل.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: أحب أن يأخذ خرقة عرضها شبه الذراع تكون طويلة يشق طرفاها، ويترك من وسطها قطعة، ثم تؤخذ قطعة قطن كالسفرة الصغيرة، يوضع عليها حنوط، ويوضع ذلك على وسط الخرقة، ثم يرفع عجيزة الميت حتى توضع على وسط القطن الموضوع على الخرقة، ويؤخذ كالموزة من القطن عليها شيء من الحنوط بين أليتيه مما يلي دبره، يلصق ذلك بدبره ولا يحشى به الدبر، ثم ترد أطراف الخرقة بعضها على بعض عن يمين وشمال، حتى يحكم ذلك ويصير كالتبان عليه، يفعل ذلك به من تحت ثوب قد ستر به الميت، ثم يرفع فيوضع في أكفانه، وهذا أحسن من الحشو.

                                                                                                                                                                              قال أبو بكر: وإذا ماتت المرأة انقطعت النفقة عن الزوج، وكما تنقطع النفقة (والكسوة) كذلك تنقطع عنه، وليس عليه أن يكفنها، بل تكفن من مالها، فإن لم يكن لها مال فعلى المسلمين أن يكفنوها.

                                                                                                                                                                              وكان الشعبي وأحمد بن حنبل يقولان: تكفن من مالها إذا ماتت ولها زوج. [ ص: 395 ]

                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية