الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1920 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك، عن هشام بن عروة ، [ ص: 139 ] عن أبيه، أنه قال: قلت لعائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، وأنا يومئذ حديث السن: أرأيت قول الله تبارك وتعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) .

                                                                            فما أرى على أحد شيئا ألا يطوف بهما، قالت عائشة : كلا لو كانت كما تقول، كانت "فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما"، إنما أنزلت هذه الآية في الأنصار، كانوا يهلون لمناة، وكانت مناة حذو قديد، فكانوا يتحرجون أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما جاء الإسلام، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله تبارك وتعالى: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) الآية.


                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن يوسف ، [ ص: 140 ] عن مالك، وأخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن أبي أسامة، كلاهما عن هشام.

                                                                            وقال عاصم: قلت لأنس بن مالك: أكنتم تكرهون السعي بين الصفا والمروة؟ فقال: نعم، لأنها كانت من شعار الجاهلية، حتى أنزل الله عز وجل: ( إن الصفا والمروة من شعائر الله ) .

                                                                            قال رحمه الله: الطواف بين الصفا والمروة في الحج والعمرة واجب عند بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، والعلماء.

                                                                            لا يتحلل الرجل عن الحج، ولا عن العمرة ما لم يأت به، وهو قول عائشة ، وابن عمر ، وجابر، وبه قال الحسن، وإليه ذهب مالك، والشافعي ، وإسحاق.

                                                                            وذهب جماعة إلى أنها تطوع، وهو قول ابن عباس ، وقال: من طاف بالبيت، فقد حل، وهو قول أنس، وبه قال ابن سيرين ، وعطاء ، ومجاهد ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي.

                                                                            وقال سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي: على من تركه دم، واحتجوا بقوله سبحانه وتعالى: ( فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) ، ورفع الجناح يدل على الإباحة لا على الوجوب، وعند الآخرين ذلك، لما أنهم كانوا يكرهون ذلك ويتحرجون عنه، كما ذكرنا في حديث عائشة ، والدليل على الوجوب، ما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية