الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الجمع بين الظهر والعصر.

                                                                            1928 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس الأصم .

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا إبراهيم بن محمد ، وغيره، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في حجة الإسلام، قال: "فراح النبي صلى الله عليه وسلم إلى الموقف بعرفة ، فخطب الناس الخطبة الأولى، ثم أذن بلال ، ثم أخذ النبي صلى الله عليه وسلم في الخطبة الثانية، ففرغ من الخطبة، وبلال من الأذان، ثم أقام بلال ، فصلى الظهر، ثم أقام، فصلى العصر".

                                                                            هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وإسحاق بن إبراهيم ، عن حاتم بن إسماعيل ، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر في قصة حجة الوداع، وقال: فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة، فوجد القبة قد ضربت له بنمرة، فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس، أمر بالقصواء، فرحلت له، فأتى بطن الوادي، فخطب الناس، [ ص: 155 ] ثم أذن بلال ، ثم أقام، فصلى الظهر، ثم أقام، فصلى العصر، ولم يصل بينهما شيئا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة، ولم يزل واقفا حتى غربت الشمس.

                                                                            القصواء: مشقوقة الأذن، قال أبو زيد: هي المقطوعة طرف الأذن، والذكر منها مقصى ومقصو على غير قياس، كان القياس أن يقال: أقصى مثل عشواء وأعشى.

                                                                            قال الإمام: وهذا الجمع، والجمع بين المغرب والعشاء في وقت العشاء بالمزدلفة بعد الدفع من عرفة متفق عليه بين العلماء، مع إمام الحاج لمن جاء من مسافة القصر.

                                                                            ولو ترك رجل الجمع، وصلى كل صلاة في وقتها المعهود، جاز عند أكثر الفقهاء، واتباع السنة أفضل.

                                                                            وقال الثوري ، وأصحاب الرأي: إن صلى المغرب قبل أن يأتي المزدلفة، فعليه الإعادة، وجوزوا أن يصلي الظهر والعصر كل صلاة في وقتها مع الكراهية، ولم يوجبوا الإعادة.

                                                                            واختلف أهل العلم في جواز هذا الجمع لأهل مكة ، ولمن جاء أقل من مسافة القصر، واختلفوا في جوازه لمن صلى وحده، ولم يشهد الصلاة مع الإمام.

                                                                            أما القصر، فيجوز لمن جاء من مسافة القصر، ولا يجوز لأهل مكة ، ولا لمن جاء من أقل من مسافة القصر عند أكثر أهل العلم، بل إذا كان الإمام مسافرا، وسلم عن ثنتين، يسلم معه المسافرون، ويقوم أهل مكة ، فيتمون لأنفسهم. [ ص: 156 ]

                                                                            .

                                                                            روي عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا قدم مكة ، صلى لهم ركعتين، ثم يقول: يا أهل مكة أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر، وإليه ذهب عطاء، ومجاهد ، وهو قول الزهري ، وابن جريج، والثوري ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي، وجوز بعضهم القصر لأهل مكة وغيرهم مع الإمام، وهو قول الأوزاعي ، ومالك ، وسفيان بن عيينة.

                                                                            ولو وافق يوم عرفة يوم الجمعة، أو أيام منى، فلا يصلون بها الجمعة، إنما يصلون الظهر. [ ص: 157 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية