الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1937 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، مولى عبد الله بن عباس ، [ ص: 167 ] عن أسامة بن زيد ، أنه سمعه يقول: " دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة حتى إذا كان بالشعب، نزل فبال، ثم توضأ فلم يسبغ الوضوء، فقلت له: الصلاة يا رسول الله، قال: الصلاة أمامك.

                                                                            فركبت، فلما جاء المزدلفة، نزل فتوضأ، فأسبغ الوضوء، ثم أقيمت الصلاة، فصلى المغرب، ثم أناخ كل إنسان بعيره في منزله، ثم أقيمت العشاء، فصلاها ولم يصل بينها شيئا
                                                                            ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن مسلمة ، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى ، كلاهما عن مالك.

                                                                            قوله: "الصلاة أمامك"، يريد أن موضع هذه الصلاة المزدلفة، وهي أمامك.

                                                                            وفيه دليل على أن الحاج لا يجوز له أن يصلي المغرب بعد ما دفع من عرفة حتى يأتي المزدلفة.

                                                                            وفيه دليل على أن كل صلاة فات وقتها يقيم لها، ولا يؤذن، ودليل على أن قليل العمل إذا تخلل من صلاتي الجمع لا يقطع نظم الجمع، لأنه قال: ثم أناخ كل إنسان بعيره، ثم أقيمت العشاء. [ ص: 168 ]

                                                                            .

                                                                            وفيه أنه توضأ ولم يسبغ الوضوء، وإنما فعل ذلك ليكون مستصحبا للطهارة في مسيره، إلى أن يبلغ جمعا، ثم لما أراد الصلاة، أسبغ الوضوء، وكان عليه السلام يتوخى أن يكون على طهر في كل حال.

                                                                            وفيه دليل على أن الوضوء نفسه عبادة وقربة، وإن لم يرد الصلاة.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية