الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1864 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو طاهر الزيادي ، أنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال ، أنا أبو الأزهر أحمد بن الأزهر بن منيع العبدي، نا عبد الملك، عن سفيان، وسعيد بن زيد، عن عطاء بن السائب، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة ، قالت: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث من إحرامه.

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن محمد بن يوسف ، عن سفيان، عن منصور ، وأخرجه مسلم، عن قتيبة ، عن حماد بن زيد ، عن منصور ، عن إبراهيم، وقال: كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم، وقال الحسن بن عبيد الله، عن إبراهيم: "وبيص المسك".

                                                                            وبيص الطيب: بريقه، يقال: وبص الشيء يبص وبيصا، وبص أيضا يبص بصيصا: إذا برق. [ ص: 47 ]

                                                                            .

                                                                            وفيه من الفقه أن للمحرم أن يتطيب قبل إحرامه بطيب يبقى أثره بعد الإحرام، وأن استدامته بعد الإحرام لا يوجب عليه فدية، وهو مذهب أكثر الصحابة، روي عن سعد بن أبي سعد بن أبي وقاص، أنه كان يفعل ذلك، ورؤي ابن عباس محرما وعلى رأسه مثل الرب من الغالية، ومثله عن ابن الزبير ، وهو قول الشافعي ، وأحمد، وإسحاق، وكرهه مالك، وروي ذلك عن ابن عمر ، قال: ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا، فأنكرت عائشة عليه وروت الحديث.

                                                                            وقال أبو حنيفة : إن تطيب بما يبقى أثره بعد الإحرام، عليه الفدية، كما لو استدام ولبس المخيط، والحديث حجة على من كره ذلك، وليس كاللبس؛ لأن لاستدامته حكم الابتداء، بدليل أنه لو حلف أن لا يلبس وعليه ثوب، فاستدام لبسه ولم ينزعه حنث، ولو حلف لا يتطيب، وعليه طيب فاستدامه لم يحنث. [ ص: 48 ]

                                                                            .

                                                                            وقد روي عن نافع ، عن ابن عمر ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لبد رأسه بالعسل، وعن سالم، عن أبيه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا.

                                                                            فتلبيد الشعر قد يكون بالصمغ، وقد يكون بالعسل، وهو مستحب في حل الإحرام، وإنما يفعل ذلك بالشعر، ليجتمع ويتلبد، ولا يتخلله الغبار، ولا يقع فيه الدبيب. [ ص: 49 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية