الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1856 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس الأصم .

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا: أنا أبو بكر الحيري ، نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا سفيان، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، قال: " سمع ابن عباس ، رجلا يقول: لبيك عن شبرمة، فقال ابن عباس : وما شبرمة؟ قال: فذكر قرابة له، فقال: حججت عن نفسك؟ قال: لا، قال: فاحجج عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة ".

                                                                            ورواه الشافعي 9، عن عبد الوهاب، عن أيوب بن أبي تميمة، وخالد الحذاء، عن أبي قلابة ، عن ابن عباس ، وقال: "فاجعل هذه عن نفسك، ثم احجج عن شبرمة".

                                                                            وروي عن قتادة ، عن عزرة، قال محمد بن إسماعيل : عزرة بن عبد الرحمن الخزاعي يروي عن سعيد بن جبير سمع منه قتادة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا، يقول: لبيك عن شبرمة، فقال: "من شبرمة؟"، قال: أخ لي: أو قريب لي، [ ص: 31 ] فقال: "حججت عن نفسك؟"، قال: لا، قال: "حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة".

                                                                            قال الإمام: فيه دليل على أن الصرورة لا يجوز له أن يحج عن غيره، سئل عبد الله بن أبي أوفى عن الرجل لم يحج، أيستقرض الحج؟ فقال: لا، وهو قول الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق.

                                                                            وفي قول ابن عباس : فاجعل هذه عن نفسك، دليل على أن إحرام الصرورة عن غيره ينقلب عن فرض نفسه، وهو قول هؤلاء. [ ص: 32 ]

                                                                            .

                                                                            وذهب قوم إلى أنه يجوز للصرورة أن يحج عن الغير، يروى ذلك عن الحسن، وعطاء ، وهو قول مالك، والثوري ، وأصحاب الرأي.

                                                                            ولو أحرم بحج التطوع، وعليه فرض الحج، يقع عن فرضه عند الشافعي ، ولو كان عليه حجة الإسلام وقد نذر حجا، فأحرم عن النذر، يقع عن حجة الإسلام، ثم بعده لو أحرم عن التطوع، يقع عن النذر.

                                                                            قال زيد بن جبير: كنت عند ابن عمر ، فجاءته امرأة، فقالت: إني نذرت الحج إلى البيت، ولم أحج حجة الإسلام، فقال: هذه حجة الإسلام وفي بنذرك.

                                                                            وقال مالك، والثوري ، وأصحاب الرأي: يصح التطوع بالحج، والفرض في ذمته، وقالوا: حجه على ما نوى، وروي ذلك عن الحسن، وعطاء ، والنخعي . [ ص: 33 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية