الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب رمي أيام التشريق والبيتوتة بمنى لياليها.

                                                                            1968 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، أنا محمد بن إسماعيل ، نا عثمان بن أبي شيبة ، نا طلحة بن يحيى، نا يونس، عن الزهري ، عن سالم، عن ابن عمر ، " أنه كان يرمي جمرة الدنيا بسبع حصيات، يكبر على إثر كل حصاة، ثم يتقدم حتى يسهل، فيقوم مستقبل القبلة، فيقوم طويلا، ويدعو، ويرفع يديه حتى يرمي الوسطى، ثم يأخذ بذات الشمال فيسهل، ويقوم مستقبل القبلة، ثم يدعو، ويرفع يديه، ويقوم طويلا، ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي، ولا يقف عندها، ثم ينصرف، [ ص: 225 ] فيقول: هكذا رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قوله: فيسهل، أي: ينزل إلى السهل، يقال: أسهل القوم: إذا نزلوا إلى السهل من الجبل.

                                                                            وروي عن القاسم، عن عائشة : "أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم حين صلى الظهر، ثم رجع إلى منى، فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة، إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات، فيكبر مع كل حصاة، ويقف عند الأولى والثانية، فيطيل القيام، ويتضرع، ويرمي الثالثة فلا يقف عندها".

                                                                            وروي عن عبد الله بن عمر أنه كان يفعل كذلك.

                                                                            وقال عمر بن الخطاب : لا يبيتن أحد من الحاج ليالي منى من وراء العقبة. [ ص: 226 ]

                                                                            .

                                                                            قال الإمام: على الحاج أن يبيت بمنى الليلة الأولى، والثانية من ليالي أيام التشريق، ويرمي كل يوم بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة عند كل جمرة بسبع حصيات على الترتيب، آخرها جمرة العقبة، فمن رمى اليوم الثاني، وأراد أن ينفر قبل غروب الشمس، ويترك البيتوتة الليلة الثالثة، ورمى يومها، فذلك له واسع، لقوله سبحانه وتعالى: ( فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ) ، ومن لم ينفر حتى غربت الشمس، فعليه أن يبيت، ويرمي اليوم الثالث بعد الزوال إحدى وعشرين حصاة إلى كل جمرة سبع حصيات.

                                                                            روى مالك، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، قال: من غربت له الشمس وهو بمنى من أوسط أيام التشريق، فلا ينفرن حتى يرمي الجمار من الغد.

                                                                            وقال إبراهيم: إذا لم تنفر حتى صليت العصر من اليوم الثاني، فلا تنفر حتى ترمي الجمرات.

                                                                            قال الإمام: ومن ترك المبيت هذه الليالي ممن لم يرخص له فيه، فعليه دم، ومن ترك مبيت ليلة، فعليه ثلث دم، وفي ليلتين ثلثا دم على أقيس قولي الشافعي ، والقول الثاني في ليلة مد، وفي ليلتين مدان، وفي ثلاث دم، وقيل: في ليلة درهم، وفي ليلتين درهمان، وفي ثلاث دم، وهو قول عطاء.

                                                                            وقال مالك: من ترك مبيت ليلة واحدة، فعليه دم، وقال أصحاب الرأي: من ترك المبيت، فقد أساء، ولا دم عليه، ومن ترك رمي يوم النحر حتى غربت الشمس، أو ثلاث حصيات منها، فعليه دم، وقد فات [ ص: 227 ] الرمي، وقيل: له أن يقضي في أيام التشريق.

                                                                            ولو ترك رمي يوم من أيام التشريق، قضاه في اليوم الثاني والثالث، أي وقت شاء من ليل أو نهار، فإن لم يقض حتى مضت أيام التشريق، فلا قضاء عليه، وعليه لرمي كل يوم دم، وقيل: لا يجب للكل إلا دم واحد.

                                                                            ومن ترك ثلاث حصيات، فعليه دم، وفي حصاة أو حصاتين أقاويل، كما وصفناها في ترك المبيت.

                                                                            وأيام التشريق سميت به، لأنهم كانوا يشرقون فيها لحوم الأضاحي، أي: يقطعونها ويقددونها. [ ص: 228 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية