الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1943 - وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن الميربندكشائي ، أنا أبو سهل محمد بن عمر بن محمد بن طرفة السجزي، أنا أبو سليمان حمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ، أنا أبو بكر محمد بن بكر بن محمد بن عبد الرزاق بن داسة التمار ، أنا أبو داود سليمان بن الأشعث ، نا محمد بن كثير ، أنا سفيان، حدثني سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني، [ ص: 175 ] عن ابن عباس ، قال: قدمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أغيلمة بني المطلب على حمرات، وجعل يلطح أفخاذنا، ويقول: "أبيني لا ترموا الجمرة حتى تطلع الشمس".

                                                                            اللطح: الضرب الخفيف ببطن الكف ونحوه، وقال أبو عبيد: اللطح: الضرب، يقال منه: لطحت الرجل بالأرض.

                                                                            قال أبو عبيد: "أبيني" تصغير، يريد يا بني.

                                                                            والأغيلمة تصغير الغلمة، كما قالوا: أصيبية في تصغير الصبية.

                                                                            وفي الحديث دليل على أنه يجوز للنسوان، والضعفة أن يدفعوا من المزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر من يوم النحر بعد انتصاف الليل، ومن دفع قبل انتصاف الليل، فعليه دم عند الشافعي ، فأما من لا عذر له، فالأولى أن يقف بها حتى يدفع مع الإمام بعد الإسفار قبل طلوع الشمس، فلو دفع بعد انتصاف الليل، فاختلف أهل العلم فيه، فأجازه [ ص: 176 ] قوم، وهو قول الشافعي ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ابن عباس في النقل، وهو لم يكن من الضعفة، ولم يجوز قوم لمن لا عذر له.

                                                                            وفي حديث ابن عباس دليل على أنه لا يرمي جمرة العقبة إلا بعد طلوع الشمس، سواء كان ممن دفع قبل طلوع الفجر أو بعده.

                                                                            واختلفوا فيمن رمى قبل طلوع الشمس، فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه لا يجوز، وذهب قوم إلى أنه يجوز بعد طلوع الفجر قبل طلوع الشمس، وهو قول مالك، وأحمد، وأصحاب الرأي.

                                                                            وذهب قوم إلى جوازه قبل طلوع الفجر بعد انتصاف ليلة النحر، وكذلك طواف الإفاضة، وهو قول الشافعي ، واحتج بما روي عن هشام بن عروة ، عن أبيه، عن عائشة ، أنها قالت: أرسل النبي صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر، فرمت الجمرة قبل الفجر، ثم مضت فأفاضت، وكان ذلك اليوم الذي يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم، تعني: عندها.

                                                                            ومن لم يجوز قال: كان ذلك رخصة خاصة لها دون غيرها.

                                                                            وقال قوم: يجوز ذلك للضعفة الذين رخص لهم في الدفع قبل طلوع الفجر، روي أن أسماء رمت الجمرة، ثم رجعت، فصلت الصبح، وقالت: أذن للظعن، يعني: النساء، والأول أفضل، وهو أن يرمي بعد [ ص: 177 ] طلوع الشمس ضحى يوم النحر.

                                                                            فأما رمي أيام التشريق، فبعد الزوال، لما روي عن أبي الزبير ، عن جابر، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمي على راحلته يوم النحر ضحى، فأما بعد ذلك، فبعد زوال الشمس. [ ص: 178 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية