الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            1961 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا أبو علي زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك، عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "اللهم ارحم المحلقين"، قالوا: والمقصرين يا رسول الله؟ قال: "والمقصرين".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن يوسف ، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى ، كلاهما عن مالك.

                                                                            وإنما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المحلقين في الدعاء، مع أن التقصير جائز، لمبادرتهم إلى طاعته حين أمر من لا هدي معه بالإحلال، والمقصرون وجدوا في أنفسهم من ذلك شيئا، وأحبوا أن يأذن لهم في المقام على إحرامهم، فلما لم يروا بدا من الإحلال [ ص: 203 ] كان التقصير في نفوسهم أخف من الحلق، فمالوا إلى التقصير، وكان الأولى بهم طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخرهم عن الدعاء، لتأخرهم عن الطاعة.

                                                                            وروى مالك، عن نافع ، أن عبد الله بن عمر كان إذا حلق رأسه في حج أو عمرة ، أخذ من لحيته وشاربيه.

                                                                            قال الإمام: أركان الحج خمسة عند الشافعي : الإحرام، والوقوف بعرفة ، والطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وحلق الرأس، أو التقصير.

                                                                            وأركان العمرة: الإحرام، والطواف، والسعي، والحلق، أو التقصير.

                                                                            وفي الحلق قول آخر: إنه ليس بنسك، بل هو من استباحة المحظور، والأول أصح، فلو ترك شيئا منها لا يحصل التحلل، ولا يجبر بالدم.

                                                                            والتقصير جائز عند عامة أهل العلم، روي عن ابن عباس ، أن معاوية بن [ ص: 204 ] أبي سفيان ، قال: "قصرت من رأس النبي صلى الله عليه وسلم عند المروة بمشقص"، قال الإمام: وكان هذا في العمرة، لأن الحاج يحلق بمنى، وقيل: إنما يجوز التقصير لمن لم يلبد رأسه، فأما من لبد، فعليه الحلق، روي ذلك عن عمر بن الخطاب ، والتقصير: هو أن يقطع أطراف شعره، والحلق أفضل من التقصير، وأقل فرض الحلق أن يحلق أو يقصر ثلاث شعرات، وقال أصحاب الرأي: يحلق ربع الرأس.

                                                                            والمرأة لا تحلق رأسها، بل تقصر، لما روي عن علي، وعائشة، أن النبي صلى الله عليه وسلم "نهى أن تحلق المرأة رأسها". [ ص: 205 ]

                                                                            .

                                                                            وقال الحكم في تقصير شعر المرأة: ليس فيه شيء مؤقت.

                                                                            والسنة في الحلق أن يبدأ بالجانب الأيمن من رأسه، لما.

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية