الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب اغتسال المحرم.

                                                                            1982 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك، عن زيد بن أسلم ، عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه، " أن عبد الله بن عباس ، والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء، فقال عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه، فقال المسور بن مخرمة: لا يغسل المحرم رأسه، فأرسلني ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري أسأله عن ذلك، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستر بثوب، فسلمت عليه، فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك: كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم؟ قال: فوضع أبو أيوب يده على الثوب، فطأطأه حتى بدا رأسه، ثم قال لإنسان يصب عليه: اصبب، فصب على رأسه، ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، ثم قال: هكذا رأيته صلى الله عليه وسلم يفعل ". [ ص: 255 ]

                                                                            .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن يوسف ، وأخرجه مسلم، عن قتيبة بن سعيد ، جميعا عن مالك.

                                                                            قوله: بين القرنين: يريد العمودين اللذين فيهما الخشبة التي يعلق عليها البكرة، ويقال: قرنا البئر: منارتان تبنيان من حجارة، أو مدر على رأس البئر من جانبيها، فإن كانتا من خشب، فهما زرنوقان.

                                                                            قال الإمام: يجوز للمحرم الاغتسال، ودخول الحمام، ودخول الماء، وتغييب رأسه فيه عند عامة العلماء، روى عكرمة ، عن ابن عباس ، قال: ربما قال لي عمر بن الخطاب : تعال أباقيك في الماء أينا أطول نفسا، ونحن محرمون.

                                                                            ودخل ابن عباس حماما بالجحفة وهو محرم، وقال: ما يعبأ الله بأوساخنا شيئا. [ ص: 256 ]

                                                                            .

                                                                            وقال جابر: المحرم يغتسل ويغسل ثوبه إن شاء، حكي عن مالك، أنه كان يكره للمحرم أن يغيب رأسه في الماء، لعله شبهه بتغطية الرأس بالثياب، والعامة على خلافه.

                                                                            ولو حلق المحرم ثلاث شعور من جسده، أو رأسه، أو نتف، فعليه دم شاة، وكذلك لو قلم ثلاثة أظافير، ففي واحد مد من طعام، وفي اثنين مدان، وقيل: في واحد ثلث شاة، وفي اثنين ثلثا شاة، وقيل: في واحد درهم، وفي اثنين درهمان، ثم في الثلاثة شاة على ما وصفنا في ترك الرمي والمبيت بمنى.

                                                                            ولو حلق محرم شعر حلال، فاختلفوا في وجوب الفدية، فأوجبها بعضهم، وهو قول أصحاب الرأي، ولم يوجبها بعضهم، وهو قول الشافعي .

                                                                            قال خصيف ، عن مجاهد ، وسعيد، في المحرم يأخذ من شارب الحلال: قال أحدهما: ليس شيء، وقال الأخر: يهدي.

                                                                            فأما الحلال إذا حلق شعر محرم تجب الفدية، ثم إن فعل بأمر المحرم، فالفدية عليه، وإن كان دون أمره، فعلى الحالق، وقيل: فدى المحرم، ثم رجع على الحالق.

                                                                            قال مالك: المحرم لا يصلح له أن يقلم أظفاره، ولا يقتل قملة، ولا يطرحها من رأسه إلى الأرض، ولا من جلده، ولا من ثوبه، فإن طرحها، فليطعم حفنة من طعام. [ ص: 257 ]

                                                                            .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية