الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2295 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا قتيبة بن سعيد، نا إسماعيل بن جعفر.

                                                                            ح وأخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، [ ص: 103 ] عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، أنه قال: دخلت المسجد، فرأيت أبا سعيد الخدري، فجلست إليه، فسألته عن العزل، قال أبو سعيد: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق، فأصبنا سبيا من سبي العرب، فاشتهينا النساء، واشتدت علينا العزبة، وأحببنا العزل فأردنا أن نعزل، فقلنا: نعزل ورسول الله بين أظهرنا قبل أن نسأله، فسألناه عن ذلك، فقال: "ما عليكم أن لا تفعلوا، ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته ، أخرجه مسلم ، عن قتيبة أيضا .

                                                                            وفي الحديث دليل على جواز استرقاق العرب ، وقوله : " وما عليكم أن لا تفعلوا" .

                                                                            ويروى : " لا عليكم أن لا تفعلوا" ، قال المبرد : معناه : لا بأس عليكم أن تفعلوا ، ومعنى " لا" الثانية طرحها .

                                                                            قال الإمام : اختلف أهل العلم في كراهية العزل ، فرخص فيه غير واحد من الصحابة والتابعين ، قال جابر : كنا نعزل والقرآن ينزل ، ورخص فيه زيد بن ثابت ، وروي عن أبي أيوب ، وسعد [ ص: 104 ] بن أبي وقاص ، وابن عباس أنهم كانوا يعزلون .

                                                                            وكرهه جماعة من الصحابة وغيرهم ، لما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل ، فقال : " ذلك الوأد الخفي" .

                                                                            وروي عن ابن عمر ، أنه كان لا يعزل ، قال مالك : لا يعزل عن الحرة إلا بإذنها ، ولا عن زوجته الأمة إلا بإذن أهلها ، ويعزل عن أمته بغير إذنها ، وروي ، عن ابن عباس : " تستأمر الحرة في العزل ، ولا تستأمر الجارية" .

                                                                            وبه قال أحمد .

                                                                            وفي الحديث دلالة على أنه لو أقر بوطء أمته ، وادعى العزل ، أن الولد لاحق به إلا أن يدعي الاستبراء .

                                                                            وروي عن عبد الرحمن بن حرملة ، عن ابن مسعود ، كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خصال : " الصفرة : يعني الخلوق ، وتغيير الشيب ، وجر الإزار ، والتختم بالذهب ، والتبرج بالزينة لغير محلها ، والضرب بالكعاب ، والرقى إلا بالمعوذات ، وعقد التمائم ، وعزل الماء عن [ ص: 105 ] محله ، وفساد الصبي غير محرمه " .

                                                                            قال الإمام : أما كراهية الخلوق ، والتختم بالذهب ، وجر الإزار ، ففي حق الرجال دون النساء ، وتغيير الشيب يكره بالسواد دون الحمرة ، والتبرج بالزينة : هو أن تتزين المرأة لغير زوجها ، وفساد الصبي : هو أن يطأ المرضع ، فإذا حملت فسد لبنها ، وفيه فساد الولد ، وقوله : غير محرمه ، معناه : أنه كرهه ، ولم يبلغ بالكراهية حد التحريم .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية