الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب سكنى المتوفى عنها زوجها.

                                                                            2386 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة، عن عمته زينب بنت كعب، أن الفريعة بنت مالك بن [ ص: 301 ] سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري، أخبرتها أنها جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة، فإن زوجها خرج في طلب أعبد له أبقوا، حتى إذا كانوا بطرف القدوم لحقهم، فقتلوه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يتركني في منزل يملكه، ولا نفقة.

                                                                            فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم".

                                                                            فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة، أو في المسجد، دعاني، أو أمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فدعيت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف قلت؟" قالت: فرددت عليه القصة التي ذكرت من شأن زوجي، فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله".

                                                                            قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت: فلما كان عثمان، أرسل إلي، فسألني عن ذلك، فأخبرته، فاتبعه، وقضى به.
                                                                            [ ص: 302 ] .

                                                                            قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

                                                                            قال الإمام : لا خلاف بين أهل العلم في المعتدة الرجعية أنها تستحق النفقة ، والسكنى على زوجها ، سواء كان الزوج حرا ، أو عبدا ، وسواء كانت المرأة حرة ، أو أمة .

                                                                            وأما البائنة : فلها السكنى عند أكثر أهل العلم ، واختلفوا في نفقتها ، منهم من أوجبها ، ومنهم من قال : لا نفقة لها إلا أن تكون حاملا ، وهو قول الشافعي .

                                                                            والملاعنة كالمطلقة ثلاثا في استحقاق السكنى ، وفي استحقاق النفقة إن كانت حاملا ، ولم ينف الزوج حملها ، فأما المعتدة عن وطء الشبهة ، والمفسوخة نكاحها بعيب ، أو خيار عتق ، فلا نفقة لها ، ولا سكنى ، وإن كانت حاملا .

                                                                            والمعتدة عن الوفاة لا نفقة لها حاملا كانت أو حائلا ، لم يختلف فيها أهل العلم ، وقال ابن عباس : ( والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول ) ، نسخ بآية الميراث بما فرض لهن من الربع ، أو الثمن ، ونسخ أجل الحول بأن جعل أجلها أربعة أشهر وعشرا ، وقال جابر : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة ، حسبها الميراث . [ ص: 303 ] .

                                                                            واختلفوا في السكنى للمعتدة عن الوفاة ، وللشافعي فيه قولان : أحدهما : لا سكنى لها ، بل تعتد حيث شاءت ، وهو قول علي ، وابن عباس ، وعائشة ، وبه قال عطاء ، وجابر بن زيد ، والحسن ، وإليه ذهب أبو حنيفة ، واختاره المزني ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لفريعة أن ترجع إلى أهلها .

                                                                            وقوله لها آخرا : " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" .

                                                                            استحباب .

                                                                            والقول الثاني : لها السكنى ، وهو الأصح ، وهو قول عمر ، وعثمان ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن مسعود ، وإليه ذهب مالك ، وسفيان الثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، وقالوا : إذنه لفريعة أولا صار منسوخا بقوله آخرا : " امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله" .

                                                                            وفيه دليل على جواز نسخ الحكم قبل الفعل .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية