الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2309 - وأخبرنا محمد بن الحسن، أنا أبو العباس الطحان، أنا أبو أحمد محمد بن قريش بن سليمان، أنا علي بن عبد العزيز، أنا أبو عبيد، قال: حدثنيه إسماعيل بن جعفر، وإسماعيل بن علية، وهشيم كلهم، عن حميد، [ ص: 134 ] عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن وضرا من الألوان، فقال: "مهيم؟"، قال: تزوجت امرأة من الأنصار على نواة من ذهب، فقال: "أولم ولو بشاة".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته.

                                                                            قوله : وضرا ، أي : لطخا من طيب له لون ، ويكون الوضر من الصفرة ، والحمرة والطيب ، ويقال : وضر الإناء يوضر : إذا اتسخ ، وقوله : مهيم ، أي : ما أمرك وما شأنك ، وما هذا الذي أرى بك ، كلمة يمانية ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى عبد الرحمن بن عوف وعليه ردع زعفران ، أي : أثر لونه ، ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم مع نهيه عليه السلام أن يتزعفر الرجل ، قال أبو سليمان الخطابي : يشبه أن يكون ذلك شيئا يسيرا ، فرخص له فيه لقلته ، قال الإمام : وقد رخص فيه بعضهم للمتزوج .

                                                                            وقوله : على وزن نواة من ذهب .

                                                                            قال الشافعي : هي ربع النش ، والنش : نصف الأوقية ، قال أحمد : هي وزن ثلاثة دراهم وثلث ، وقال إسحاق ، هي وزن خمسة دراهم من ذهب ، وهو كما قال الشافعي ، فهي اسم معروف لمقدار معلوم ، فهي كالأوقية اسم لأربعين درهما ، والنش لعشرين درهما ، وذهب بعضهم إلى أنه كان تزوجها على قدر نواة من ذهب قيمتها خمسة دراهم ، وليس بصحيح . [ ص: 135 ] .

                                                                            وقوله : " بارك الله لك" دليل على استحباب الدعاء للمتزوج ، وروي عن سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ الإنسان إذا تزوج ، قال : " بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير" ، قوله : رفأ .

                                                                            يريد هنأه ، ودعا له ، ومعناه الموافقة ، ومنه رفو الثوب ، وكان من عاداتهم أن يقولوا له : بالرفاء والبنين ، وقد ورد النهي عن هذه اللفظة .

                                                                            وفي الحديث أمر بالوليمة ، وهي طعام الإملاك ، وظاهر الحديث يدل على وجوبها ، والأكثرون على أن ذلك سنة مستحبة ، والتقدير بالشاة لمن أطاقها ، وليس على الحتم ، فقد صح عن صفية بنت شيبة ، قالت : " أولم النبي صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه بمدين من شعير" .

                                                                            وعن أنس: "أن رسول [ ص: 136 ] الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية وتزوجها، وجعل عتقها صداقها، وأولم عليها بحيس".

                                                                            وروي عن أنس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق، وتمر".

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية