الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2383 - أخبرنا أبو الفرج المظفر بن إسماعيل التميمي، أنا أبو [ ص: 288 ] القاسم حمزة بن يوسف السهمي، أنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، نا الحسن بن الفرج، نا عمرو بن خالد الحراني، نا عبيد الله، عن عبد الكريم هو الجزري، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، إن امرأتي لا تدفع يد لامس، قال: "طلقها".

                                                                            قال: إني أحبها وهي جميلة.

                                                                            قال: "استمتع بها".


                                                                            ويروى هذا الحديث عن عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمعناه.

                                                                            قوله : " لا ترد يد لامس" ، معناه أنها مطاوعة لمن أرادها ، ولا ترد يده ، وفي قوله : " فأمسكها" ، دليل على جواز نكاح الفاجرة ، وإن كان الاختيار غير ذلك ، وهو قول أهل العلم ، وأما قول الله سبحانه وتعالى : ( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين ) ، فإنما نزلت في امرأة بغي من الكفار [ ص: 289 ] خاصة يقال لها : عناق ، كما روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : كان رجل يقال له : مرثد بن أبي مرثد الغنوي ، كان يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة ، وكان بمكة بغي ، يقال لها : عناق ، وكانت صديقة له ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ، أنكح عناق ؟ فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد شيئا ، فنزلت : ( والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك ) فدعاني ، فقرأها علي ، وقال لي : " لا تنكحها" .

                                                                            وروي عن يحيى بن سعيد ، عن ابن المسيب ، في قوله : ( الزاني لا ينكح إلا زانية ) ، قال : هي منسوخة نسختها ( وأنكحوا الأيامى منكم ) فهي من أيامى المسلمين . [ ص: 290 ] .

                                                                            وروي أن عمر بن الخطاب ضرب رجلا وامرأة في زنى ، وحرص أن يجمع بينهما ، فأبى الغلام ، وحكي عن عبد الله بن مسعود في الرجل يزني بالمرأة ، ثم يتزوجها ، قال : لا يزالان زانيين ما اجتمعا .

                                                                            وعن عائشة ، قالت : هما زانيان .

                                                                            وإذا زنى رجل بامرأة ، فلا عدة عليها ، لأن العدة لصيانة ماء الرجل ، ولا حرمة لماء الزاني ، بدليل أنه لا يثبت به النسب ، ويجوز لها أن تنكح في الحال ، وعند مالك لا يجوز حتى تقضي عدتها .

                                                                            فأما إذا حبلت من الزنى ، فاختلف أهل العلم في جواز نكاحها ، فأجازه بعض أهل العلم ، وهو قول الشافعي ، وأبي حنيفة ، ومحمد بن الحسن ، غير أنه يكره له الوطء حتى تضع ، وذهب جماعة إلى أنه لا يجوز لها أن تنكح حتى تضع الحمل ، وهو قول سفيان الثوري ، وأبي يوسف ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                            ولو زنى رجل بامرأة ، وهي غير زانية بأن كانت نائمة أو مكرهة ، فلا عدة ، ولا نسب ، ولها المهر ، وإن كانت هي زانية والرجل جاهل ، فعليها العدة ويثبت النسب ، ولا مهر لها ، لأن بناء العدة والنسب على حرمة الماء .

                                                                            قال إبراهيم النخعي في ولد الزنى : اشترها للخدمة ، ولا تشترها لطلب ولدها . [ ص: 291 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية