الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب استبراء أم الولد.

                                                                            2393 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، عن عبد الرحمن بن عمر، أنه كان يقول: "عدة أم الولد إذا هلك سيدها حيضة".

                                                                            قال الإمام : أم الولد إذا هلك عنها سيدها ، يجب عليها التربص باتفاق العلماء ، واختلفوا في مدته ، فذهب جماعة إلى أن عليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا ، كالحرة إذا مات عنها زوجها ، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : " لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر" .

                                                                            يعني : أم الولد .

                                                                            وهذا قول سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، وإليه ذهب الأوزاعي ، وإسحاق بن راهويه .

                                                                            وذهب قوم إلى أنها تعتد بثلاث حيض ، روي ذلك عن علي ، وعبد الله بن مسعود ، وهو قول عطاء ، والنخعي ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

                                                                            وقال قوم : " تعتد بحيضة" ، روي ذلك عن ابن عمر ، وهو قول [ ص: 318 ] عروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، والشعبي ، والزهري ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وتأول بعضهم حديث عبد الله بن عمرو ، على أم الولد بعينها أعتقها مولاها ، ثم تزوجها ، فهذه إذا مات سيدها عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر باتفاق أهل العلم ، وإذا زوج الرجل أم ولده ، ثم مات المولى وهي في نكاح الغير ، أو في عدة الزوج ، فلا يجب عليها الاستبراء عن السيد ، ولو مات الزوج قبل موت المولى ، عليها أن تعتد عن الزوج بشهرين وخمس ليال ، ولو مات المولى ، أو أعتقها قبل مضي شهرين وخمس ليال ، فهل لها أن تقتصر على عدة الإماء ، أم عليها أن تكمل أربعة أشهر وعشرا ؟ فيه قولان ، ولو مات المولى بعد انقضاء عدتها من الزوج أو أعتقها ، عليها الاستبراء عن المولى .

                                                                            ولو مات المولى والزوج جميعا ، ولم يدر أيهما سبق موته ، فإن كان بين موتيهما أقل من شهرين وخمس ليال ، يجب عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر ، ولا استبراء عليها من السيد ، لأنها يوم موت السيد إما إن كانت في نكاح الزوج ، أو عدته إن كان موت الزوج سابقا ، وإن كان بين الموتين شهران وخمس ليال فأكثر ، عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر ، فيها حيضة من موت الآخر منهما ، لأن الزوج إن مات أولا ، فعليها الاستبراء بحيضة عن المولى ، وإن مات المولى أولا ، فعليها أن تعتد عن الزوج بأربعة أشهر وعشر .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية