الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2398 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أبو منصور محمد [ ص: 329 ] بن محمد بن سمعان، نا أبو جعفر الرياني، نا حميد بن زنجويه، نا يعلى بن عبيد، نا الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أطيب ما أكل الرجل كسبه، وإن ولده من كسبه".

                                                                            قال الإمام : ورواه سفيان ، عن منصور ، عن عمارة بن عمير ، عن عمته ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                            قال الإمام رحمه الله : يجب على الرجل نفقة الوالدين ، والمولودين ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم لهند : " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف" .

                                                                            وفيه دليل على وجوب نفقة الولد ، وإذا وجب على الرجل نفقة ولده ، فنفقة والده أولى مع عظم حرمته .

                                                                            قال رحمه الله : وإنما يجب على الموسر أن ينفق على من كان معسرا زمنا من الوالدين والمولودين ، ولا تجب نفقة من كان منهم موسرا ، أو قويا يمكنه تحصيل نفقته ، هذا مذهب الشافعي . [ ص: 330 ] .

                                                                            وأوجب سائر الفقهاء نفقتهم عند الإعسار ، ولم يشترطوا الزمانة ، ولا يجب نفقة غير الوالدين والمولودين من الأقارب .

                                                                            وأوجب أصحاب الرأي كل ذي رحم محرم من الإخوة ، وأولاد الإخوة ، والأعمام ، والأخوال ، ونفقة القريب على قدر الكفاية ، ولا تصير دينا في الذمة .

                                                                            وإن احتاج الأب المعسر إلى نكاح ، فعلى الولد الموسر إعفافه ، بأن يعطيه مهر امرأة ، أو ثمن جارية يتسراها ، ثم عليه نفقة زوجته ، وسريته ، ولا يجب على الأب إعفاف ولده ، وقد روي عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : إن لي مالا وولدا ، وإن والدي يحتاج مالي ، قال : " أنت ومالك لوالدك ، إن أولادكم من أطيب كسبكم ، كلوا من كسب أولادكم" .

                                                                            ففيه دليل على أنه إذا لم يكن له مال ، وله كسب يلزمه أن يكتسب للإنفاق على والده ، وكذلك الولد .

                                                                            وذهب بعض أهل العلم إلى أن يد الوالد مبسوطة في مال ولده ، يأخذ منه ما يشاء ، وذهب عامتهم إلى أنه لا يأخذ إلا عند الحاجة . [ ص: 331 ] .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية