الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب لفظ التحريم.

                                                                            قال الله تعالى: ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم ) .

                                                                            2357 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله [ ص: 224 ] النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا معاذ بن فضالة، نا هشام، عن يحيى، عن ابن حكيم، عن سعيد بن جبير، أن ابن عباس، قال في الحرام: يكفر، وقال ابن عباس: ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة ) ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن زهير بن حرب، عن إسماعيل بن إبراهيم، عن هشام الدستوائي، عن يحيى ابن أبي كثير، وقال في الحرام، يمين يكفرها.

                                                                            وابن حكيم هو يعلى بن حكيم .

                                                                            قال الإمام : إذا قال لامرأته : أنت علي حرام ، أو حرمتك ، فإن نوى به طلاقا ، فهو طلاق ، وإن نوى ظهارا ، فهو ظهار ، وإن أطلق ، فليس بطلاق ، ولا ظهار ، وعليه كفارة اليمين بهذه اللفظة ، وكذلك لو نوى تحريم ذاتها ، فلا تحرم ، وعليه كفارة اليمين ، وإذا قال ذلك لأمته ، فإن نوى به عتقا ، عتقت ، وإلا فعليه كفارة اليمين ، وليس بيمين ، وإن حرم طعاما على نفسه ، فلا يحرم ، ولا شيء عليه إذا أكله ، ولو قال : كل ما أملكه علي حرام ، فإن لم يكن له زوجة ، ولا جارية ، فلا شيء عليه ، وإن كانت له زوجة ، أو جارية ، فعليه كفارة اليمين ، وإن كن عددا ، فلا يجب إلا كفارة واحدة على أصح القولين ، وهذا الذي ذكرنا من أن لفظ التحريم في المرأة ، والجارية ، تجب [ ص: 225 ] به كفارة اليمين ، وليس بيمين ، ولا يجب في الطعام به شيء ، وهو قول ابن مسعود ، وإحدى الروايتين ، عن ابن عباس ، وإليه ذهب الشافعي .

                                                                            وذهب جماعة إلى أن لفظ التحريم يمين ، فإذا حرم زوجته ، أو جاريته على نفسه ، جعل كأنه حلف أن لا يطأها ، فإذا وطأها يجب عليه كفارة اليمين ، وإذا حرم طعاما فأكله ، يجب عليه كفارة اليمين ، يروى ذلك عن أبي بكر ، وعائشة ، وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس ، وروي عن سعيد بن المسيب ، قال : الحرام يمين .

                                                                            وهو قول سعيد بن المسيب ، وبه قال الأوزاعي ، وأصحاب الرأي ، وروي عن عمر ، أنه قال : يقع به طلقة رجعية ، وهو قول الزهري ، [ ص: 226 ] وعن عثمان أنه يكون ظهارا ، وبه قال أحمد ، وروي عن علي ، وزيد ، وأبي هريرة ، أنه يقع به ثلاث طلقات ، اختاره مالك .

                                                                            واحتج من جعل لفظ التحريم يمينا بما .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية