الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2276 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا عبد الرحمن بن أبي شريح، أنا أبو القاسم البغوي، نا علي بن الجعد، أنا شعبة، عن أشعث بن سوار، عن الشعبي، عن عبد الله، قال: "الطلاق بالرجال، والعدة بالنساء".

                                                                            معناه: يعتبر الطلاق بالرجال، وتعتبر العدة بالنساء.

                                                                            وذهب قوم إلى أن الاعتبار بالمرأة في عدد الطلاق ، فيملك العبد على زوجته الحرة ثلاث طلقات ، ولا يملك الحر على زوجته الأمة إلا طلقتين ، وهو قول عبيدة ، وبه قال سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي ، واتفقوا على أن الاعتبار في العدة بالمرأة ، فإن كانت عدتها بوضع الحمل ، [ ص: 62 ] فالحرة والأمة فيها سواء ، وإن كانت بالأقراء ، فالحرة تعتد بثلاثة أقراء ، والأمة بقرءين ، وإن كانت بالأشهر ، فإن كانت عدة وفاة ، فالأمة تعتد بشهرين ، وخمس ليال على نصف عدة الحر ، وإن كانت عدة طلاق ، ففيها قولان ، أقيسهما على الأمة شهر ونصف ، لأن الأيام تقبل التنصيف ، بخلاف الأقراء ، والثاني : شهران كالقرءين ، واختلفوا في حديث عمر : " فإن لم تكن تحيض ، فشهرين أو شهرا ونصفا" .

                                                                            منهم من قال : هذا تعليق القول من عمر ، ومنهم من قال : هو شك من الراوي .

                                                                            والحر والعبد في مدة العنة سواء ، وهي سنة كاملة .

                                                                            واختلفوا في مدة الإيلاء ، فذهب الشافعي إلى أن الحر والعبد فيه سواء ، لأنها لمعنى يرجع إلى الطبع ، وهو قلة الصبر عن الزوج ، وما يرجع إلى الطبع يستوي فيه الحر والعبد ، كما في مدة العنة ، والحيض ، والرضاع .

                                                                            وذهب مالك ، وأبو حنيفة إلى أن مدة الإيلاء ، تتنصف بالرق ، ثم عند مالك تتنصف برق الرجل ، وعند أبي حنيفة برق المرأة ، وظهار العبد كظهار الحر ، وصيام الكفارة في حقه شهران ، كالحر بالاتفاق .

                                                                            ولو نكح العبد بغير إذن المولى ، فالنكاح باطل ، وهو قول أكثر أهل العلم ، لما روي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما عبد تزوج بغير إذن سيده ، فهو عاهر" .

                                                                            وذهب مالك ، وأصحاب الرأي ، إلى أن النكاح [ ص: 63 ] موقوف ، فإن أجازه المولى ، جاز .

                                                                            وإذا نكح العبد بغير إذن المولى ، فوطئ ، فلا حد ، ويجب المهر متعلقا بذمته إلى أن يعتق على أصح القولين ، والثاني : تباع رقبته فيه ، كدين الجناية .

                                                                            ولا يجوز للحر نكاح الأمة إلا بشرطين : أن يخاف على نفسه العنت ، ولا يجد مهر حرة ، لقوله سبحانه وتعالى : ( ومن لم يستطع منكم طولا ) إلى قوله ( ذلك لمن خشي العنت منكم ) ، وهو قول جابر ، وبه قال طاوس ، وعمرو بن دينار ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وجوز أصحاب الرأي للحر نكاح الأمة إلا أن يكون في نكاحه حرة .

                                                                            وقال سعيد بن المسيب : لا تنكح الأمة على الحرة إلا أن تشاء الحرة ، فإن أطاعت ، فلها الثلثان ، ويجوز للعبد أن يجمع بين أمتين ، أو بين أمة وحرة ، أو ينكح أمة على حرة عند الشافعي ، ولم يجوزه أصحاب الرأي كالحر ، ولا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية حرا كان أو عبدا ، لقوله سبحانه وتعالى ( من فتياتكم المؤمنات ) ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وجوزه أصحاب الرأي .

                                                                            ويجوز وطء الكتابية بملك اليمين ، ولا يجوز وطء المجوسية ، والوثنية ، والشافعي لا يجوز للرجل أن ينكح جارية الابن ، لأن على الابن إعفافه ، فهو موسر بمال الابن ، [ ص: 64 ] وله أن ينكح جارية الأب ، قال رجل لابن عمر : إن أمي أحلت لي جاريتها ، قال : " إنها لا تحل لك إلا بإحدى ثلاث : هبة ، أو نكاح ، أو شراء " .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية