الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2363 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا سفيان بن عيينة، عن يحيى بن سعيد، [ ص: 238 ] عن سليمان بن يسار، قال: أدركت بضعة عشر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، كلهم يقول: "يوقف المؤلي".

                                                                            قال الإمام : الإيلاء : أن يحلف الرجل أن لا يقرب امرأته أكثر من أربعة أشهر ، فلا يتعرض له قبل مضي أربعة أشهر ، فإذا مضت أربعة أشهر ، فاختلف أهل العلم فيه ، فذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا يقع الطلاق بمضيها ، بل يوقف ، فإما أن يفيء ، ويكفر عن يمينه ، أو يطلق ، وهو قول مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .

                                                                            قال الشافعي : فإن طلق ، وإلا طلق عليه السلطان واحدة .

                                                                            وقال بعض أهل العلم : إذا مضت أربعة أشهر يقع عليها الطلاق .

                                                                            قال ابن عباس : " عزم الطلاق انقضاء الأشهر الأربعة" ، ثم اختلفوا [ ص: 239 ] فقال بعضهم : يقع عليها طلقة واحدة رجعية ، وهو قول سعيد بن المسيب ، وأبي بكر بن عبد الرحمن ، وقضى به مروان بن الحكم ، وهو رأي ابن شهاب .

                                                                            وقال بعضهم : إذا مضت أربعة أشهر ، وقعت عليها طلقة بائنة ، وهو قول الثوري ، وأصحاب الرأي ، وقال الأسود بن يزيد : إذا مضت أربعة أشهر ، فنفست ، وأشهد ، فهي امرأته ، وكذلك قال إبراهيم : إن كان له عذر ، فأشهد ، فهي امرأته .

                                                                            ومن قال بوقوع الطلاق بعد مضي المدة ، قال : إذا حلف على أربعة أشهر يكون مؤليا ، وبمضيها يقع الطلاق ، وأما على قول من قال بالوقف .

                                                                            لا يكون مؤليا ، لأن الوقف يكون في حال بقاء اليمين ، وقد ارتفعت ها هنا بمضي أربعة أشهر ، أما إذا حلف على أقل من أربعة أشهر ، فلا [ ص: 240 ] يثبت حكم الإيلاء ، بل هو حالف ، فإن جامعها قبل مضي المدة المحلوف عليها ، فعليه كفارة اليمين .

                                                                            ولو حلف أن لا يطأها حتى تفطم ولدها ، فإن أراد وقت الفطام ، وهو مضي الحولين ، فإن بقي من الحولين أكثر من أربعة أشهر ، فهو مؤل ، فإن بقي أقل ، فليس بمؤل ، وإن أراد فعل الفطام ، والصبي في سن لا يحتمل الفطام في أربعة أشهر ، فهو مؤل ، وإن كان يحتمل الفطام في أربعة أشهر ، فليس بمؤل .

                                                                            قال مالك : بلغني أن عليا سئل عن ذلك ، فلم يره إيلاء ، وهو قول مالك .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية