الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2346 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، أنا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا ابن عيينة، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر، عن إياس بن عبد الله بن أبي ذباب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تضربوا إماء الله"، فأتاه عمر بن الخطاب، فقال: يا رسول الله، ذئر النساء على أزواجهن، فأذن في ضربهن، فأطاف بآل محمد نساء كثير، كلهن يشكون أزواجهن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لقد أطاف بآل محمد سبعون امرأة، كلهن يشتكين أزواجهن، ولا تجدون أولئك خياركم" [ ص: 187 ] وإياس بن عبد الله بن أبي ذباب لا تعرف له صحبة ، قاله محمد بن إسماعيل .

                                                                            قوله : " ذئر النساء" ، أي : اجترأن ونشزن ، يقال منه ، امرأة ذئر ، والذائر : النفور .

                                                                            قال الأصمعي : يقال : امرأة ذائر على مثال فاعل ، ويقال : الذائر : المغتاظ على خصمه ، المستعد للشر .

                                                                            وفي الحديث دليل على أن ضرب النساء في منع حقوق النكاح مباح ، ثم وجه ترتيب السنة على الكتاب في الضرب يحتمل أن يكون نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ضربهن قبل نزول الآية ، ثم لما ذئر النساء ، أذن في ضربهن ونزل القرآن موافقا له ، ثم لما بالغوا في الضرب ، أخبر أن الضرب وإن كان مباحا على شكاسة أخلاقهن ، فالتحمل والصبر على سوء أخلاقهن ، وترك الضرب أفضل وأجمل .

                                                                            ويحكى عن الشافعي هذا المعنى .

                                                                            وأما إذا كان النشوز من جهة الزوج ، فإن منعها شيئا من حقها ، أجبر على أدائه وإن لم يمنعها شيئا من حقها ، لكنه يكره صحبتها ، فيفارقها في المضجع ، أو يريد طلاقها ، فلا حيلة ، لأنه مباح له ، فإن سمحت المرأة بترك بعض حقها من قسم ، أو نفقة طلبا للصلح فحسن ، قال الله سبحانه وتعالى : ( وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما ) ، قالت عائشة : هي المرأة تكون عند الرجل لا يستكثر منها فيريد طلاقها ، ويتزوج [ ص: 188 ] غيرها ، تقول له : أمسكني ، ولا تطلقني ، ثم تزوج غيري ، فأنت في حل من النفقة علي ، والقسمة لي ، فذلك قوله : ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) .

                                                                            ولما كبرت سودة ، جعلت نوبتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية