الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2369 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، أنا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، قال: سمعت سفيان بن عيينة، يقول: أنا عمرو بن دينار، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين: "حسابكما على الله، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها".

                                                                            قال: يا رسول الله مالي، قال: "لا مال لك إن كنت صدقت عليها، فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها، فذلك أبعد لك منها أو منه".


                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن قتيبة بن سعيد، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن سفيان بن عيينة.

                                                                            قال الإمام في قوله : " لا سبيل لك عليها" دليل على وقوع الفرقة باللعان ، وأنها لا تحل له أبدا ، وإن أكذب الرجل نفسه ، وهو قول أكثر أهل العلم ، يروى ذلك عن عمر ، وعلي ، وابن مسعود ، وهو قول الزهري ، وإليه ذهب مالك ، والأوزاعي ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو يوسف ، حتى قال الشافعي : لو لاعن زوجته الأمة ، ثم اشتراها لا تحل له إصابتها ، كما لو اشترى أخته من الرضاع [ ص: 259 ] لا يحل له وطؤها ، لأن حرمة الرضاع مؤبدة ، وذهب أبو حنيفة إلى أنه إذا أكذب نفسه ، يرتفع تحريم العقد ، فيجوز له نكاحها ، كما يلحقه النسب المنفي بعد الإكذاب ، يروى ذلك عن سعيد بن المسيب ، وقال سعيد بن جبير : تعود منكوحة له إذا أكذب نفسه .

                                                                            وفيه دليل على أن زوج الملاعنة لا يرجع عليها بالمهر إن كان قد دخل بها ، وإن أقرت المرأة بالزنى ، فأما إذا تلاعنا قبل الدخول ، فاختلف فيه أهل العلم ، فذهب قوم إلى أن لها نصف المهر ، وهو قول قتادة ، والشعبي ، والحسن ، وسعيد بن جبير ، وبه قال مالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وقال الحكم ، وحماد : لها الصداق كاملا ، وقال الزهري : لا صداق لها .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية