الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب المتعة.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين ) .

                                                                            2306 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أنه كان يقول: "لكل مطلقة متعة إلا التي تطلق وقد فرض لها صداق، ولم تمس، فحسبها نصف ما فرض لها".

                                                                            قال الإمام : اتفق أهل العلم على أن المطلقة قبل الفرض والمسيس تستحق المتعة ، وأن المطلقة بعد الفرض قبل المسيس لا متعة لها ، بل لها نصف المفروض ، واختلفوا في المدخول بها ، فذهب جماعة إلى أنه لا متعة لها ، لأنها تستحق المهر ، وهو قول أصحاب الرأي .

                                                                            وذهب جماعة إلى أنها تستحق المتعة ، لقوله سبحانه وتعالى ( وللمطلقات متاع بالمعروف ) ، وهو قول عبد الله بن عمر ، وبه قال القاسم بن محمد ، والزهري ، وإليه ذهب الشافعي ، لأن المهر [ ص: 131 ] الذي تستحقه بمقابلة ما أتلف عليها من منفعة البضع ، فلها المتعة على وحشة الفراق ، فعلى القول الأول لا متعة إلا لواحدة ، وهي المطلقة قبل الفرض والمسيس ، وعلى القول الثاني للكل متعة إلا لواحدة ، وهي المطلقة بعد الفرض قبل المسيس ، فكل موضع أوجبنا المتعة إنما تجب بفرقة صدرت من جهته في الحياة ، لا لمعنى فيها ، أو من جهة أجنبي مثل أن يطلق ، أو يخالع ، أو يلاعن ، أو يبدل الدين ، أو يرتفع النكاح برضاع أجنبية ، أما إذا كانت الفرقة من جهتها بأن بدلت الدين ، أو أرضعت ، أو فسخت النكاح بعيب وجدت بالزوج ، أو هو بعيب فيها ، فلا متعة لها ، لأن الفسخ وإن كان من قبله في عيبها ، فهو لمعنى فيها ، قال محمد بن إسماعيل : لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الملاعنة متعة .

                                                                            وكل فرقة لا توجب المتعة ، فإن كانت تلك الفرقة بعد الفرض قبل المسيس ، لا يجب للمرأة نصف المهر إلا واحدة ، وهي أن الرجل إذا اشترى امرأته بعد الفرض قبل المسيس ، يجب عليه نصف المهر لبائعها ، وإن كان قبل الفرض لا متعة لها ، لأن المتعة تجب بالفراق ، والفراق في ملك المشتري ، فلو وجبت المتعة ، لوجبت له على نفسه ، وأما فرقة الموت ، فلا توجب المتعة ، وليس للمتعة تقدير .

                                                                            قال الشافعي : وأستحسن بقدر ثلاثين درهما .

                                                                            وروي أن عبد الرحمن طلق امرأته ، ومتعها بخادم سوداء حممها إياها ، يعني : متعها بها ، وكانت العرب تسميها التحميم [ ص: 132 ]

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية