الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب شهادة المرضعة على الرضاعة.

                                                                            2286 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا حبان، أنا عبد الله، أنا عمر بن سعيد بن أبي حسين، أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث، أنه تزوج ابنة لأبي إهاب بن عزيز، فأتته امرأة، فقالت: قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة: ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني، فأرسل إلى آل أبي إهاب، فسألهم، فقالوا: ما علمنا أرضعت صاحبتنا، فركب إلى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فسأله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف وقد قيل؟" ففارقها، ونكحت زوجا غيره. [ ص: 87 ] .

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            وقال أيوب : عن عبد الله بن أبي مليكة ، حدثني عبيد بن أبي مريم ، عن عقبة بن الحارث ، قال : وقد سمعته من عقبة ، لكني لحديث عبيد أحفظ ، وزاد فيه : " كيف بها وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك" .

                                                                            وعبد الله بن أبي مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة ، يكنى : أبا محمد ، وكان عبد الله بن الزبير استقضاه على الطائف .

                                                                            وفيه دليل على قبول شهادة المرضعة على الرضاع ، واختلفوا في عدد من يثبت الرضاع بشهادتهن من النساء ، فذهب قوم إلى أنه يثبت بشهادة المرأة الواحدة ، وتستحلف ، يروى ذلك عن ابن عباس ، وهو قول الحسن ، وبه يقول أحمد ، وإسحاق ، وذهب أكثرهم إلى أنه لا يثبت بأقل من أربع ، وكذلك كل ما لا يطلع عليه إلا النساء غالبا كالولادة ، والثيابة ، والبكارة ، والحيض ، وهو قول عطاء ، وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي .

                                                                            وذهب قوم إلى أنه يثبت بشهادة امرأتين ، وهو قول مالك ، وابن أبي ليلى ، وابن شبرمة ، وقال أصحاب الرأي : تثبت الولادة بشهادة القابلة وحدها ، إذا كان الحمل ظاهرا والفراش قائما .

                                                                            وروي عن علي بن أبي طالب ، أنه أجاز شهادة القابلة وحدها في الاستهلال ، وهو قول الشعبي ، والنخعي .

                                                                            وقوله صلى الله عليه وسلم : " كيف وقد [ ص: 88 ] قيل : " إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى مفارقتها من طريق الورع ، لا من طريق الحكم ، أخذا بالاحتياط في باب الفرج ، وليس فيه دلالة على وجوب الحكم بقول المرأة الواحدة ، لأن سبيل الشهادات أن تقام عند الحكام ، ولم يوجد ها هنا إلا إخبار امرأة عن فعلها في غير مجلس الحكم ، والزوج مكذب لها ، وبمثل هذا لا يثبت الحكم حتى يكون دليلا على جواز شهادة المرأة الواحدة .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية