الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الرجوع إذا رأى منكرا.

                                                                            2321 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، عن القاسم بن محمد، عن عائشة، أنها اشترت نمرقة فيها تصاوير، فلما رآها النبي صلى الله عليه وسلم قام على الباب، فلم يدخل، فعرفت في وجهه الكراهية، فقالت: يا رسول الله، أتوب إلى الله، وإلى رسول الله، [ ص: 147 ] فماذا أذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فما بال هذه النمرقة؟"، قالت: اشتريتها لك تقعد عليها وتوسدها، فقال: " إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة، فيقال لهم: أحيوا ما خلقتم ".

                                                                            ثم قال: "إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة".


                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن عبد الله بن مسلمة، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى، كلاهما عن مالك.

                                                                            قال الإمام : فيه دليل على أن من دعي إلى وليمة فيها شيء من المناكير ، أو الملاهي ، فإن الواجب أن لا يجيب إلا أن يكون ممن لو حضر تترك وترفع بحضوره ، أو بنهيه .

                                                                            وروي عن سفينة أبي عبد الرحمن ، أن رجلا ضاف علي بن أبي طالب ، فصنع له طعاما ، فقالت فاطمة : لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأكل معنا ، فدعوه ، فجاء فوضع يده على عضادتي الباب ، فرأى القرام قد ضرب به في ناحية البيت ، فرجع ، قالت فاطمة : فتبعته ، فقلت : [ ص: 148 ] يا رسول الله ما ردك ؟ ، قال : " إنه ليس لي ، أو لنبي أن يدخل بيتا مزوقا" .

                                                                            وروي عن عائشة ، قالت : أخذت نمطا ، فسترته على الباب ، فجذبه يعني : رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هتكه أو قطعه ، وقال : " إن الله لم يأمرنا أن نكسو الحجارة والطين" .

                                                                            وروي أن أبا مسعود رأى صورة في البيت ، فرجع ودعا ابن عمر أبا أيوب ، فرأى في البيت سترا على الجدار ، فقال : أتسترون الجدر ؟ فقال ابن عمر : غلبنا عليه النساء ، فقال : من كنت أخشى عليه ، فلم أكن أخشى عليك ، والله لا أطعم لكم طعاما فرجع . [ ص: 149 ] .

                                                                            قال الإمام : وفي الحديث دليل على كراهية القعود على الصور ، ورخص بعض أهل العلم فيما كان منها من الأنماط التي توطأ وتداس بالأرجل .

                                                                            وروي أن أبا ذر دعي لوليمة ، فلما حضر ، إذا هو بصوت ، فرجع ، فقيل له : ألا تدخل ، فقال : أسمع فيها صوتا ، ومن كثر سوادا كان من أهله ، ومن رضي عملا ، كان شريك من عمله .

                                                                            قال الإمام : وكذلك إذا دعاك من أكثر ماله من حرام ، أو من لا تأمن أن يلحقك في إجابته ضرر في دين أو دنيا ، فلا عليك الإجابة .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية