الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب الشقاق بين الزوجين.

                                                                            قال الله سبحانه وتعالى: ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) . [ ص: 189 ] .

                                                                            والشقاق : العداوة والخلاف ، لأن كل واحد منهما يكون في شق ، أي : في ناحية ، ومنه قوله عز اسمه ، وتعالى كبرياؤه : ( في عزة وشقاق ) .

                                                                            2347 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا الثقفي، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عبيدة، أنه قال في هذه الآية: " ( وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها ) .

                                                                            قال: جاء رجل وامرأة إلى علي، ومع كل واحد منهما فئام من الناس، فأمرهم علي، فبعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها، ثم قال للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ عليكما إن رأيتما أن تجمعا أن تجمعا، وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا.

                                                                            قال: قالت المرأة: رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي، وقال الرجل: أما الفرقة: [ ص: 190 ] فلا، فقال علي: كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به ".

                                                                            والفئام : الجماعة من الناس .

                                                                            قال الإمام : إذا ظهر بين الزوجين شقاق ، فاشتبه حالهما ، فلم يفعل الرجل الصفح ، ولا الفرقة ، ولا المرأة تأدية الحق ، ولا الفدية ، وخرجا إلى ما لا يحل قولا وفعلا ، بعث الإمام حكما من أهله إليه ، وحكما من أهلها إليها ، رجلين حرين عدلين ، ليستطلع كل واحد منهما رأي من بعث إليه أن رغبته في الوصلة أو الفرقة ، ثم يجتمع الحكمان ، فينفذان ما يجتمع عليه رأيهما من الصلاح ، واختلف القول في جواز بعث الحكمين من غير رضى الزوجين ، فأصح القولين أنه لا يجوز إلا برضاهما ، وليس لحكم الزوج أن يطلق إلا بإذنه ، ولا لحكمها أن يختلع على مالها إلا بإذنها ، وهو قول أصحاب الرأي ، فإن عليا ، رضي الله عنه ، حين قال الرجل : أما الفرقة ، فلا ، قال : كذبت حتى تقر بمثل الذي قرت به ، فثبت أن تنفيذ الأمر موقوف على إقراره ورضاه . [ ص: 191 ] .

                                                                            والقول الثاني : يجوز بعث الحكمين دون رضاهما ، ويجوز لحكم الزوج أن يطلق دون رضاه ، ولحكمها أن يختلع دون رضاها ، إذا رأيا الصلاح فيه كالحاكم يحكم بين الشخصين ، وإن لم يكن على وفق مرادهما ، وهو قول علي ، وبه قال مالك .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية