الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب حد البلوغ .

                                                                            2401 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا سفيان بن عيينة، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر، قال: "عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أحد، وأنا ابن أربع عشرة سنة، فردني، ثم عرضت عليه عام الخندق، وأنا ابن خمس عشرة سنة، فأجازني"، قال نافع: فحدثت بهذا الحديث عمر بن عبد العزيز، فقال: هذا فرق بين المقاتلة والذرية، وكتب أن يفرض لابن خمس عشرة في المقاتلة، ومن لم يبلغها في الذرية ".

                                                                            هذا حديث متفق على صحته ، أخرجه محمد ، عن عبيد الله بن سعيد ، عن أبي أسامة ، وأخرجه مسلم ، عن محمد بن عبد الله بن نمير ، عن أبيه ، كلاهما عن عبيد الله بن عمر [ ص: 338 ] والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم ، قالوا : إذا استكمل الغلام ، أو الجارية خمس عشرة سنة ، كان بالغا ، وبه قال سفيان الثوري ، وابن المبارك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وإذا احتلم واحد منهما قبل بلوغه خمس عشرة سنة بعد استكمال تسع سنين يحكم ببلوغه ، وكذلك إذا حاضت الجارية بعد استكمال تسع ، ولا حيض ، ولا احتلام قبل بلوغ التسع ، وإذا أتت الجارية بولد قبل بلوغها خمس عشرة سنة يحكم ببلوغها قبل ذلك بستة أشهر ، لأنها أقل مدة الحمل .

                                                                            قال الشافعي رضي الله عنه : وأعجل من سمعت من النساء يحضن نساء بتهامة ، يحضن وهن بنات تسع .

                                                                            وقال الحسن بن صالح : أدركت جارة لنا جدة بنت إحدى وعشرين سنة ، وعن أبي العالية ، أن عمر بن الخطاب ، قال : " يكتب للصغير حسناته ، ولا تكتب عليه سيئاته ، فإذا بلغ ثلاث عشرة سنة ، كتب عليه وله" ، فذكر ذلك للحسن ، فقال : ذلك حين يحتلم .

                                                                            قال أحمد ، وإسحاق : للبلوغ ثلاث منازل ، بلوغ خمس عشرة ، أو الاحتلام ، فإن لم يعرف سنه ، ولا احتلامه ، فالإنبات ، يعني : العانة .

                                                                            وحكي عن مالك أيضا أنه جعل الإنبات بلوغا ، وقال في السن : إذا بلغ من السن ما لا يجاوزه غلام إلا احتلم ، حكم ببلوغه ، ولم يجعل الخمسة عشر حدا .

                                                                            وجعل الشافعي الإنبات بلوغا في أولاد الكفار دون المسلمين حتى يجوز قتل من أنبت من السبي ، لأن الكفار لا يوقف على مواليدهم ، فيعرف بلوغهم بالسن .

                                                                            ولا يمكن الرجوع إلى قولهم ، لأنهم متهمون في ذلك لدفع القتل عن أنفسهم .

                                                                            روي عن عطية القرظي ، قال : كنت من سبي قريظة ، فكانوا [ ص: 339 ] ينظرون " فمن أنبت الشعر قتل ، ومن لم ينبت لم يقتل ، فكنت ممن لم ينبت" .

                                                                            وقال أبو حنيفة : حد بلوغ الغلام ثماني عشرة سنة ، إلا أن يحتلم قبلها ، وحد بلوغ الجارية سبع عشرة سنة إلا أن تحيض قبلها .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية