الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2260 - أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي، نا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم، نا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم، أنا ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن عمر بن حسين، عن نافع، أن ابن عمر تزوج بنت خاله عثمان بن مظعون، قال: فذهبت أمها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: إن ابنتي تكره ذلك.

                                                                            فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يفارقها، وقال: "لا تنكحوا اليتامى حتى تستأمروهن، فإذا سكتن، فهو إذنهن".


                                                                            فتزوجها بعد عبد الله المغيرة بن شعبة. [ ص: 37 ] .

                                                                            وقد روي عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليتيمة تستأمر في نفسها، فإن صمتت، فهو إذنها، وإن أبت، فلا جواز عليها".

                                                                            قال الإمام : اتفق أهل العلم على أنه يجوز للأب والجد تزويج البكر الصغيرة ، لحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوجها وهي بنت سبع .

                                                                            واختلفوا في اليتيمة إذا زوجها غير الأب والجد ، فذهب جماعة إلى أن النكاح صحيح ، ولها الخيار إذا بلغت في فسخ النكاح ، أو إجازته ، وهو قول أصحاب الرأي ، وذهب قوم إلى أن النكاح مردود ، وهو قول الشافعي ، واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال : " اليتيمة تستأمر" ، واليتيمة اسم للصغيرة التي لا أب لها ، وهي قبل البلوغ لا معنى لإذنها ، ولا عبرة لإبائها ، فكأنه شرط بلوغها ، ومعناه : لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر ، وذهب أحمد ، إلى أن اليتيمة إذا بلغت تسع سنين ، جاز لغير الأب والجد تزويجها برضاها ، ولا خيار لها ، ولعله قال ذلك لما علم أن كثيرا من نساء العرب يدركن إذا بلغن هذا السن ، قالت عائشة : " وإذا بلغت الجارية تسع سنين ، فهي امرأة" .

                                                                            واختلفوا في الوصي هل يزوج بنات الموصي ؟ فذهب أكثرهم أنه لا ولاية له ، وإن فوض إليه ، قال الشعبي : ليس إلى الأوصياء من النكاح شيء ، [ ص: 38 ] إنما ذاك إلى الأولياء .

                                                                            وقال حماد بن أبي سليمان : للوصي أن يزوج اليتيمة قبل البلوغ ، وحكي ذلك عن شريح أنه أجاز نكاح الوصي مع كراهية الأولياء ، وأجاز مالك إذا فوض إليه الأب .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية