الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2255 - أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل، نا أبو عاصم، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ذكوان، عن عائشة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "البكر تستأذن" قلت: إن البكر تستحيي؟ قال: "إذنها صماتها".

                                                                            هذا حديث صحيح.

                                                                            قال الإمام : اتفق أهل العلم على أن تزويج الثيب البالغة العاقلة لا يجوز دون إذنها ، فإن زوجها وليها دون إذنها ، فالنكاح مردود ، فأما البكر البالغة إذا زوجها وليها قبل الاستئذان ، فاختلف أهل العلم فيه ، فذهب قوم إلى أن النكاح مردود ، لقوله صلى الله عليه وسلم : " والبكر تستأذن" وإليه ذهب الأوزاعي ، وسفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

                                                                            وذهب جماعة إلى أنه إن زوجها أبوها ، أو جدها من غير استئذان ، فجائز ، يروى ذلك عن القاسم بن محمد ، وسليمان بن يسار ، وسالم بن عبد الله ، وإليه ذهب مالك ، وابن أبي ليلى ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وقالوا : معنى قوله صلى الله عليه وسلم : " والبكر تستأذن" هو على استطابة النفس ، [ ص: 32 ] كما أمر تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بمشاورة الأصحاب ، فقال : ( وشاورهم في الأمر ) وذلك على استطابة نفوسهم .

                                                                            وروي عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " آمروا النساء في بناتهن" .

                                                                            وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر نعيما ، أن يؤامر أم ابنته فيها ، وكان ذلك على استطابة نفوس الأمهات ، لأن جواز العقد على البنات متوقف على رضى الأمهات .

                                                                            واتفقوا على أن البكر إذا استؤذنت في النكاح ، يكتفى بسكوتها ، ويشترط صريح نطق الثيب ، وقيل : السكوت من البكر إذن في حق الأب والجد ، فأما في حق غيرهما من الأولياء فيشترط النطق ، والأكثرون على أنه إذن في حق جميع الأولياء . [ ص: 33 ] .

                                                                            ويحتج من يجوز إجبار البكر البالغة على النكاح بقوله : " الثيب أحق بنفسها من وليها" ، قالوا : مفهومه يدل على أن الولي أحق بالبكر منها بنفسها ، وذكر كل واحدة على الانفراد دليل على اختلافهما في الحكم ، ومعنى قوله " أحق بنفسها" .

                                                                            أراد في اختيار الزوج لا في العقد ، فإن مباشرة العقد عليها إلى وليها .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية