الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            2253 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، نا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أنا الشافعي، أنا سفيان، عن عبد الله بن أبي لبيد، عن ابن سليمان بن يسار، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب قام بالجابية خطيبا، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قام فينا كقيامي فيكم، فقال: "أكرموا أصحابي، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يظهر الكذب حتى إن الرجل ليحلف ولا يستحلف، ويشهد ولا يستشهد، ألا فمن سره بحبحة الجنة، فليلزم الجماعة، فإن الشيطان مع الفذ، وهو من الاثنين أبعد، ولا يخلون رجل بامرأة، فإن الشيطان ثالثهم، ومن سرته حسنته، وساءته سيئته، فهو مؤمن". [ ص: 28 ] .

                                                                            وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، أنا أبو الحسين بن بشران، أنا أبو علي الصفار، نا أحمد بن منصور الرمادي، نا عبد الرزاق، نا معمر، عن عبد الملك بن عمير، عن عبد الله بن الزبير، أن عمر بن الخطاب قام بالجابية خطيبا فذكر مثل معناه، قال: " أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، وقال: فمن سره بحبوحة الجنة فعليه بالجماعة ".

                                                                            قال الإمام رحمه الله : بحبحة الجنة ، وبحبوحة الجنة : وسطها ، وبحبوحة كل شيء : وسطه وخياره ، وفي حديث خزيمة " وتبحبح الحيا" أي : اتسع الغيث .

                                                                            وروي عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " لا تلجوا على المغيبات ، فإن الشيطان يجري من أحدكم مجرى الدم" .

                                                                            والمغيبة : المرأة التي غاب عنها زوجها ، والمغيبات جمعها .

                                                                            قال الإمام : خلوة الرجل بالمرأة الأجنبية ، والمسافرة بها حرام ، فإن كانت من المحارم ، فلا بأس بالمسافرة بها ، والدخول عليها ، ويستأذن خصوصا في الأوقات الثلاثة التي تضع فيها ثيابها : قبل صلاة الفجر ، [ ص: 29 ] وبعد صلاة العشاء ، ووقت الظهيرة ، وكذلك المراهق الأجنبي ، ولا يجوز لها أن تنكشف لهم ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات ) الآية .

                                                                            قال الزهري : كان المملوكون ، ومن لم يبلغ الحلم يستأذنون في هذه الأوقات الثلاثة ، فإذا بلغ الأطفال الحلم ، فإنهم يستأذنون على كل حال ، ولا يدخل الرجل على والدته إلا بإذن ، وذلك قوله عز وجل : ( وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا ) .

                                                                            وسئل حذيفة : أيستأذن الرجل على والدته ؟ قال : نعم ، وقال : إن لم تفعل رأيت منها ما تكره .

                                                                            قال الإمام : وعبد المرأة محرم لها بمنزلة الأقارب عند أكثر أهل العلم ، لقوله سبحانه وتعالى : ( أو ما ملكت أيمانهن ) .

                                                                            وروي عن أبي جميع سالم بن دينار ، عن ثابت ، عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد قد وهبه لها ، وعلى فاطمة ثوب إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها ، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها ، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلقى ، قال : " إنه ليس عليك بأس ، إنما هو أبوك وغلامك" .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية