الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                            صفحة جزء
                                                                            باب القسم بين الضرائر.

                                                                            2322 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

                                                                            ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قبض عن تسع نسوة، وكان يقسم منهن لثمان". [ ص: 150 ] .

                                                                            هذا حديث متفق على صحته، أخرجه محمد، عن إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، وأخرجه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، عن محمد بن بكر، كلاهما عن ابن جريج.

                                                                            قال الإمام : إذا كان عند الرجل أكثر من امرأة واحدة ، يجب عليه التسوية بينهن في القسم إن كن حرائر ، سواء كن مسلمات أو كتابيات ، فإن كان تحته حرة وأمة ، فيقسم للحرة ليلتين ، وللأمة ليلة واحدة ، فإن ترك التسوية بينهن في فعل القسم ، عصى الله سبحانه وتعالى وعليه القضاء للمظلومة .

                                                                            وروي عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " من كانت له امرأتان ، فمال إلى إحداهما ، جاء يوم القيامة وشقه مائل" ، وفي إسناده نظر ، وأراد بهذا الميل الميل بالفعل ، ولا يؤاخذ بميل القلب إذا سوى بينهن في فعل القسم ، قال الله سبحانه وتعالى : ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل ) ، معناه : لن تستطيعوا أن تعدلوا بما في القلوب ، فلا تميلوا كل الميل ، أي : لا تتبعوا أهواءكم أفعالكم . [ ص: 151 ] .

                                                                            وروي عن أبي قلابة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقسم بين نسائه فيعدل ، ويقول : " اللهم هذه قسمتي فيما أملك ، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك" .

                                                                            هكذا روى حماد بن زيد ، وغير واحد من الحديث ، عن أيوب ، عن أبي قلابة مرسلا ، وهو الأصح ، ورواه حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن عبد الله بن يزيد ، عن عائشة متصلا .

                                                                            وقوله : " فلا تلمني فيما لا أملك" أراد به الحب ، وميل القلب .

                                                                            وفيه دليل على أن القسم بينهن كان فرضا على الرسول صلى الله عليه وسلم كما كان على غيره ، حتى كان يراعي التسوية بينهن في مرضه مع ما يلحقه من المشقة ، قالت عائشة : " إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه أين أنا غدا ، أين أنا غدا ؟ يريد يوم عائشة ، فأذن له أزواجه يكون حيث شاء ، فكان في بيت عائشة حتى مات عندها" .

                                                                            التالي السابق


                                                                            الخدمات العلمية