الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 318 ] باب وفد بني عامر ودعاء النبي صلى الله عليه وسلم على عامر بن الطفيل وكفاية الله تعالى شره وشر أربد بن قيس بعد أن عصم منها نبيه صلى الله عليه وسلم، وما ظهر في ذلك من آثار النبوة

                                        أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أخبرنا عبد الله بن جعفر، حدثنا يعقوب بن سفيان، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الأسود بن شيبان، حدثنا أبو بكر بن ثمامة بن النعمان الراسبي، عن يزيد بن عبد الله أبي العلاء، قال: وفد أبي في وفد بني عامر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: أنت سيدنا وذو الطول علينا، فقال: "مه مه، قولوا بقولكم ولا يستجرنكم الشيطان، السيد الله، السيد الله، السيد الله".

                                        وذكر شيخنا أبو عبد الله الحافظ ، عن أبي العباس الأصم، عن العطاردي، عن يونس، عن ابن إسحاق ، قال: " قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفد بني عامر فيهم عامر بن الطفيل، وأربد بن قيس، وخالد بن جعفر، وحيان بن مسلم بن مالك، فكان هؤلاء النفر [ ص: 319 ] رؤساء القوم وشياطينهم، فقدم عامر بن الطفيل، فقال: تالله لقد كنت آليت أن لا أنتهي من تتبع العرب عقبي، أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش؟ ثم قال لأربد: إذا قدمنا على الرجل فإني شاغل عنك وجهه، فإذا فعلت ذلك فاعله بالسيف، فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عامر: يا محمد خالني، فقال: "لا، والله حتى تؤمن بالله وحده" ، فقال: يا محمد خالني، فقال: "لا، حتى تؤمن بالله وحده، لا شريك له" ، فلما أبى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أما والله لأملأنها عليك خيلا حمرا، ورجالا، فلما ولى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم اكفني عامر بن الطفيل" ، فلما خرجوا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عامر لأربد: ويحك يا أربد أين ما كنت أمرتك به؟ والله ما كان على ظهر الأرض رجل أخوف عندي على نفسي منك، وايم الله، لا أخاف بعد اليوم أبدا، قال: لا أبا لك، لا تعجل علي، فوالله ما هممت بالذي أمرتني به من مرة لا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف؟ ثم خرجوا راجعين إلى بلادهم، حتى إذا كانوا ببعض الطريق بعث الله عز وجل على عامر بن الطفيل الطاعون في عنقه فقتله الله في بيت امرأة من بني سلول، ثم خرج أصحابه حين واروه حتى قدموا أرض بني عامر أتاهم قومهم فقالوا: ما وراءك يا أربد؟ فقال: لقد دعانا إلى عبادة شيء لوددت أنه عندي فأرميه بالنبل هذه حتى أقتله ، [ ص: 320 ] فخرج بعد مقالته بيوم أو يومين معه جمل يتبعه، فأرسل الله تعالى عليه وعلى جمله صاعقة فأحرقتهما، وكان أربد أخا للبيد بن ربيعة لأمه، فبكاه ورثاه ".

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية