الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو محمد أحمد بن عبد الله المزني، قال: أخبرنا علي بن محمد بن عيسى، قال: حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، قال: أخبرنا عروة بن الزبير، أن عائشة، قالت: جاءت هند بنت عتبة بن ربيعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يعزوا من أهل خبائك، ثم قالت: إن أبا سفيان رجل مسيك، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له عيالنا؟ فقال لها: "لا عليك أن تطعميهم بالمعروف" رواه البخاري في الصحيح وأخرجه مسلم من حديث معمر، وابن أخي الزهري عن الزهري [ ص: 102 ] .

                                        وأما أبو سفيان فقد تقدم ذكر إسلامه وقرأت في كتاب محمد بن سعد، عن محمد بن عبيد، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق السبيعي، أن أبا سفيان بن حرب، بعد فتح مكة كان جالسا فقال في نفسه: " لو جمعت لمحمد جمعا، إنه ليحدث نفسه بذلك إذ ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بين كتفيه وقال: "إذا يخزيك الله" ، قال: فرفع رأسه فإذا النبي صلى الله عليه وسلم قائم على رأسه، فقال: ما أيقنت أنك نبي حتى الساعة، إن كنت لأحدث نفسي بذلك ورواه أيضا أبو السفر وعبد الله بن أبي بكر بن حزم مرسلا في معناه.

                                        وقد أنبأني أبو عبد الله الحافظ، إجازة، قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن علي بن الحسن المقرئ، قال: حدثنا أحمد بن يوسف السلمي، قال: حدثنا محمد بن يوسف الفريابي، قال: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي السفر، عن ابن عباس، قال: رأى أبو سفيان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي والناس يطؤون عقبه، فقال بينه وبين نفسه: " لو عاودت هذا الرجل القتال، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ضرب بيده في صدري، فقال: "إذا يخزيك الله" ، قال: أتوب إلى الله وأستغفر الله مما تفوهت به " هكذا وجدته في كتابي موصولا في أبواب فتح مكة من كتاب الإكليل.

                                        وفيما أنبأني أبو عبد الله الحافظ، إجازة، قال: أنبأني أبو عمرو محمد بن محمد بن أحمد الفامي إجازة، قال: أنبأني أبو عمر، حدثنا محمد بن [ ص: 103 ] إسحاق بن خزيمة.

                                        (ح) وأنبأنا الشيخ أبو محمد الحسن بن أبي عبد الله الفارسي، قراءة عليه، قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الله بن حمدون، قال: حدثنا أبو حامد بن الشرقي، قالا: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي، قال: حدثنا محمد بن موسى بن أعين يعني الجزري، قال: حدثنا أبي، عن إسحاق بن راشد، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، قال: " لما كان ليلة دخل الناس مكة ليلة الفتح لم يزالوا في تكبير وتهليل وطواف بالبيت حتى أصبحوا، فقال أبو سفيان لهند: أترين هذا من الله؟ ثم أصبح فغدا أبو سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قلت لهند: أترين هذا من الله نعم، هو من الله "، فقال أبو سفيان: أشهد أنك عبد الله ورسوله، والذي يحلف به أبو سفيان، ما سمع قولي هذا أحد من الناس إلا الله عز وجل وهند.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية