الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان، أنبأنا أبو سهل بن زياد القطان، حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي، حدثنا آدم بن أبي إياس، حدثنا حماد بن سلمة، أنبأنا ثابت البناني، عن أنس بن مالك، قال: قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا سيدنا وابن سيدنا وخيرنا وابن خيرنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا أيها الناس، أنا محمد بن عبد الله عبد الله ورسوله، ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل» قلت: ومن تكلم في التفضيل ذكر في مراتب نبينا صلى الله عليه وسلم وخصائصه وجوها لا يحتمل ذكرها بأجمعها هذا الكتاب، ونحن نشير إلى وجه منها على طريق الاختصار [ ص: 499 ] فمنها: أنه صلى الله عليه وسلم كان رسول الثقلين: الإنس والجن وأنه خاتم الأنبياء، ومنها أن شرف الرسول بالرسالة، ورسالته أشرف الرسالات بأنها نسخت ما تقدمها من الرسالات، ولا تأتي بعدها رسالة تنسخها. ومنها: أن الله عز وجل أقسم بحياته. ومنها: أنه جمع له بين إنزال الملك عليه وإصعاده إلى مساكن الملائكة، وبين إسماعه كلام الملك وإرائه إياه في صورته التي خلقه عليها، وجمع له بين إخباره عن الجنة والنار وإطلاعه عليهما، فصار العلم له واقعا بالعالمين دار التكليف ودار الجزاء عيانا. ومنها قتال الملائكة معه. ومنها ما أخبر عن خصائصه التي يخصه الله تعالى بها يوم القيامة وهو المقام المحمود الذي وعده بقوله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا . ومنها: أن الله جل ثناؤه لم يخاطبه في القرآن إلا بالنبي أو الرسول، ودعا سائر الأنبياء بأسمائهم، وحين دعا الأعراب نبينا صلى الله عليه وسلم باسمه أو كنيته نهاهم عن ذلك، وقال: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ، وأمرهم بتعظيمه وبتفخيمه، ونهاهم عن التقديم بين يديه، وعن رفع أصواتهم فوق صوته، وعاب من ناداه من وراء الحجرات، إلى غير ذلك مما يطول بشرحه الكتاب، وهو مذكور في كتب أهل الوعظ والتذكير. ومنها: أنه صلى الله عليه وسلم في الدنيا أكثر الأنبياء عليهم السلام أعلاما، وقد [ ص: 500 ] ذكر بعض المصنفين أن أعلام نبينا صلى الله عليه وسلم تبلغ ألفا. قال أبو عبد الله الحليمي رحمه الله: وفيها مع كثرتها معنى آخر، وهو أنه ليس في شيء من أعلام المتقدمين ما ينحو اختراع الأجسام، وإنما ذلك في أعلام نبينا صلى الله عليه وسلم خاصة. قلت: وقد ذكرنا في كتابنا هذا ما كان من أعلامه هذا من وقت ولادته إلى مبعثه إلى هجرته إلى وفاته مؤرخا بتاريخه أو عند قدوم الوفود عليه، وقد بقي من أعلامه التي لم يذكر في أكثرها في وقتها أو غفلت عنها ما لا بد من ذكره قبل ذكر وفاته صلى الله عليه وسلم، فاستخرنا الله تعالى في إخراجه عقيب هذا، وبالله التوفيق.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية