الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 82 ] باب خطبة النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح وفتاويه وأحكامه بمكة على طريق الاختصار

                                        أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن ملحان.

                                        (ح) وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ، قال: أخبرنا أبو بكر بن إسحاق، قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم، قال: حدثنا يحيى بن بكير، قال: حدثنا الليث، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح العدوي، أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة: ائذن لي أيها الأمير أحدث قولا قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغد من يوم الفتح سمعته أذناي، ووعاه قلبي، وأبصرته عيني حين تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه ثم قال: " إن مكة حرمها الله، ولم يحرمها الناس، فلا تحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرة، فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها، فقولوا له: إن الله قد أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار، وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس.

                                        وليبلغ الشاهد الغائب " فقيل لأبي شريح: ماذا قال لك عمرو؟ وقال: أنا أعلم بذاك منك يا أبا شريح: إن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا [ ص: 83 ] فارا بدم، ولا فارا بخربة.


                                        رواه البخاري في الصحيح عن سعيد بن شرحبيل عن الليث.

                                        ورواه مسلم عن قتيبة عن الليث.

                                        وأنبأنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر القاضي، قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار، قال: حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: سمعت أبا شريح الخزاعي، يقول: لما بعث عمرو بن سعيد البعث إلى ابن الزبير أتيته فدخلت عليه، فقلت: يا هذا، إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمرنا أن يبلغه الشاهد منا الغائب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فتح مكة قتلت خزاعة رجلا من هذيل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيبا، فقال: " أيها الناس، إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام يحرمها الله إلى يوم القيامة، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، ولا يعضد بها شجرا، وإنها لا تحل لأحد بعدي، ولن تحل لي إلا هذه الساعة غضبا على أهلها، ألا ثم قد رجعت على حالها بالأمس، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال لكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاتل بها فقولوا له: إن الله عز وجل قد أحلها لرسوله ولم يحلها لك، يا معشر [ ص: 84 ] خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل، فقد كثر أن يقع، لقد قتلتم قتيلا، لأدينه، فمن قتل بعد يومي هذا فهو بخير النظرين: إن أحب فدم قاتله، وإن أحب فعقله " قال لي: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنعنا سافك دم ولا خالع طاعة، ولا مانع خربة، فقلت: قد شهدت وغبت، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ الشاهد الغائب منا، فقد بلغتك ما أمرنا أن نبلغه، ثم انصرفت وقد روى أبو هريرة هذه الزيادة في القتل ببعض معناه.

                                        أخبرناه علي بن أحمد بن عبدان، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد، قال: حدثنا هشام بن علي، قال: حدثنا ابن رجاء، قال: أخبرنا حرب، قال: حدثنا يحيى بن أبي كثير، قال: حدثنا أبو سلمة، قال: حدثنا أبو هريرة، أنه عام فتح مكة قتلت خزاعة رجلا من بني ليث بقتيل لهم في الجاهلية، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: " إن الله حبس عن مكة القتل، وسلط عليها رسوله والمؤمنين، ألا وإنها لم تحل لأحد قبلي، ولا تحل لأحد بعدي، ألا وإنها أحلت لي ساعة من نهار، ألا وإنها ساعتي هذه حرام.

                                        لا يختلى شوكها، ولا يعضد شجرها، ولا يلتقط ساقطها إلا منشد، ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يفدى وإما أن يقاد "، فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاة، فقال: اكتب لي يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اكتبوا لأبي شاة" ، ثم قام رجل من قريش، فقال: يا رسول الله إلا الإذخر.


                                        [ ص: 85 ] أخرجه البخاري فقال: وقال عبد الله بن رجاء، وأخرجاه من حديث شيبان وغيره عن يحيى.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية