الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                        صفحة جزء
                                        [ ص: 413 ] كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم إلى اليمن .

                                        أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ، حدثنا أحمد بن عبد الجبار ، حدثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق ، قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر، عن أبيه أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: " هذا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا الذي كتبه لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن يفقه أهلها ويعلمهم السنة، ويأخذ صدقاتهم، فكتب له كتابا وعهدا، وأمره فيه أمره فكتب: " بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من الله ورسوله يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود ، عهد من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم حين بعثه إلى اليمن أمره بتقوى الله في أمره، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، وأمره أن يأخذ الحق كما أمره، وأن يبشر الناس بالخير، ويأمرهم ويعلم الناس القرآن ويفقههم فيه، وينهى الناس، ولا يمس أحد القرآن إلا وهو طاهر، ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم، ويلين لهم في الحق، ويشد عليهم في الظلم، فإن الله عز وجل كره الظلم ونهى عنه، وقال ألا لعنة الله على الظالمين ويبشر [ ص: 414 ] الناس بالجنة وبعملها، وينذر الناس النار وعملها، ويستألف الناس حتى يفقهوا في الدين، ويعلم الناس معالم الحج، وسننه وفرائضه، وما أمر الله به، والحج الأكبر والحج الأصغر، فالحج الأصغر العمرة، وينهى الناس أن يصلي الرجل في ثوب واحد صغير إلا أن يكون واسعا فيخالف بين طرفيه على عاتقيه، وينهى أن يحتبي الرجل في ثوب واحد ويغضي إلى السماء بفرجه، ولا يعقد شعر رأسه إذا عفا في قفاه، وينهى الناس إذا كان بينهم هيج أن يدعوا إلى القبائل والعشائر، وليكن دعاؤهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له، فمن لم يدع إلى الله عز وجل ودعا إلى العشائر والقبائل فليعطفوا فيه بالسيف حتى يكون دعاؤهم إلى الله عز وجل وحده لا شريك له، ويأمر الناس بإسباغ الوضوء وجوههم وأيديهم إلى المرافق، وأرجلهم إلى الكعبين، وأن يمسحوا رؤوسهم كما أمر الله، وأمروا بالصلاة لوقتها، وإتمام الركوع والخشوع وأن يغلس بالصبح ويهجر بالهاجرة حتى تميل الشمس، وصلاة العصر والشمس في الأرض، والمغرب حين يقبل الليل، ولا تؤخر حتى تبدو النجوم في السماء، والعشاء أول الليل، وأمره بالسعي إلى الجمعة إذا نودي بها، والغسل عند الرواح إليها، وأمره أن يأخذ من المغانم خمس الله عز وجل، وما كتب على المؤمنين في الصدقة من العقار فيما سقى العين، وفيما سقت السماء العشر، وما سقت القرب فنصف العشر، وفي كل عشر من الإبل شاتان، وفي عشرين أربع، وفي كل ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة، وفي كل أربعين من الغنم سائمة وحدها شاة فإنها فريضة الله عز وجل التي افترض على المؤمنين في الصدقة، فمن زاد فهو خير له، وأنه من أسلم من يهودي أو نصراني إسلاما [ ص: 415 ] خالصا من نفسه فدان دين الإسلام فإنه من المؤمنين له ما لهم وعليه ما عليهم، ومن كان على نصرانية أو يهودية فإنه لا يغير عنها، وعلى كل حالم ذكر أو أنثى حر أو عبد دينار واف أو عوضه من الثياب، فمن أدى ذلك فإن له ذمة الله عز وجل وذمة رسوله الله صلى الله عليه وسلم، ومن منع ذلك فإنه عدو الله ورسوله والمؤمنين جميعا، صلوات الله على محمد والسلام عليه ورحمة الله وبركاته " وقد روى سليمان بن داود، عن الزهري، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن أبيه، عن جده، هذا الحديث موصولا بزيادات كثيرة، وفي الزكاة والديات وغير ذلك ونقصان عن بعض ما ذكرناه، وقد ذكرناه في كتاب السنن.

                                        التالي السابق


                                        الخدمات العلمية