الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          معلومات الكتاب

                                                                          تهذيب الكمال في أسماء الرجال

                                                                          المزي - جمال الدين أبو الحجاج المزي

                                                                          صفحة جزء
                                                                          - 4792 (ر د) : القاسم بن سلام البغدادي أبو عبيد الفقيه القاضي الأديب المشهور صاحب التصانيف المشهورة ، والعلوم المذكورة .

                                                                          روى عن : أزهر بن سعد السمان ، وإسحاق بن سليمان الرازي ، وإسحاق بن يوسف الأزرق ، وإسماعيل بن جعفر ، وإسماعيل بن علية ، وإسماعيل بن عياش ، وجرير بن عبد الحميد ، وحجاج بن محمد الأعور ، وحفص بن غياث ، والحكم بن بشير بن سلمان ، وحماد بن مسعدة ، وزيد بن الحباب ، وأبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري النحوي (د) ، وسعيد بن عبد الرحمن الجمحي ، وسعيد بن أبي مريم المصري ، وسفيان بن عيينة ، وسليمان بن عبد الرحمن الدمشقي ، ومات قبله بدهر ، وشريك بن [ ص: 355 ] عبد الله النخعي ، وصفوان بن عيسى ، وعباد بن عباد ، وعباد بن العوام ، وعبد الله بن إدريس ، وأبي صالح عبد الله بن صالح المصري ، وعبد الله بن المبارك ، وعبد الرحمن بن مهدي ، وعبد الملك بن قريب الأصمعي ، وعبد الوهاب بن عطاء الخفاف ، وعبيد الله الأشجعي ، وعثمان بن صالح السهمي ، وعلي بن معبد بن شداد الرقي المصري ، وعمر بن يونس اليمامي ، وقبيصة بن عقبة ، وكثير بن هشام ، ومحمد بن جعفر غندر ، ومحمد بن أبي عدي ، ومحمد بن كثير بن المصيصي ، ومحمد بن يزيد الواسطي ، ومروان بن معاوية الفزاري ، ومعاذ بن معاذ العنبري ، وأبي الأسود النضر بن عبد الجبار المصري ، وأبي النضر هاشم بن القاسم ، وهشام بن عمار الدمشقي ، ومات قبله بدهر ، وهشيم بن بشير ، ووكيع بن الجراح ، ويحيى بن سعيد القطان ، ويحيى بن سليم الطائفي ، ويحيى بن صالح الوحاظي ، ويزيد بن هارون ، وأبي أحمد الزبيري ، وأبي بكر بن عياش ، وأبي زياد الكلابي (د) ، وأبي معاوية الضرير .

                                                                          روى عنه : أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري الكاتب ، وأحمد بن يوسف التغلبي ، وأبو محمد ثابت بن أبي ثابت ، وهو ثابت بن عبد العزيز أخو علي بن عبد العزيز البغوي ، والحارث بن محمد بن أبي أسامة التميمي ، والحسن بن مكرم البزاز ، وسعيد [ ص: 356 ] ابن أبي مريم المصري ، وهو من شيوخه ، وعباس بن عبد العظيم العنبري ، وعباس بن محمد الدوري ، وعبد الله بن جعفر بن أحمد بن بحر العسكري ، وعبد الله بن الحكم بن أبي زياد القطواني ، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا ، وعبد المجيد بن إبراهيم البوشنجي ، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن سنان الطوسي اللغوي ، وعلي بن عبد العزيز البغوي ، ومحمد بن إسحاق الصاغاني ، ومحمد بن حفص بن عمر الدوري ، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي ، وأبو منصور نصر بن داود بن طوق الصاغاني الخلنجي .

                                                                          قال علي بن عبد العزيز البغوي : ولد أبو عبيد بهراة ، وكان أبوه سلام عبدا لبعض أهل هراة ، وكان يتولى الأزد .

                                                                          وقال محمد بن سعد : كان مؤدبا صاحب نحو ، وعربية . وطلب الحديث والفقه ، وولي قضاء طرسوس أيام ثابت بن نصر بن مالك ، ولم يزل معه ومع ولده . وقدم بغداد ففسر بها غريب الحديث ، وصنف كتبا ، وسمع الناس منه ، وحج فتوفي بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين . وقال أبو سعيد بن يونس : القاسم بن سلام يكنى أبا عبيد صاحب المصنفات . مروزي سكن بغداد قدم مصر مع يحيى بن [ ص: 357 ] معين سنة ثلاث عشرة ومائتين ، وكتب بمصر ، وحكي عنه وكانت وفاته بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين .

                                                                          وكذلك قال البخاري ، والحارث بن أبي أسامة ، وغير واحد في تأريخ وفاته ، وقيل : مات سنة ثلاث وعشرين والصحيح الأول ، وقيل : إنه بلغ سبعا وستين سنة .

                                                                          وقال إبراهيم بن أبي طالب النيسابوري : سألت أبا قدامة عن الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبي عبيد فقال : أما أفهمهم فالشافعي إلا أنه قليل الحديث ، وأما أورعهم فأحمد بن حنبل ، وأما أحفظهم فإسحاق ، وأما أعلمهم بلغات العرب فأبو عبيد .

                                                                          وقال أحمد بن سلمة النيسابوري : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : الحق يحب لله عز وجل : أبو عبيد القاسم بن سلام أفقه مني ، وأعلم مني .

                                                                          وقال الحسن بن سفيان : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : أبو عبيد أوسعنا علما ، وأكثرنا أدبا ، وأجمعنا جمعا . إنا نحتاج إلى [ ص: 358 ] أبي عبيد ، وأبو عبيد لا يحتاج إلينا .

                                                                          وقال عباس بن محمد الدوري : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أبو عبيد ! أبو عبيد ! ممن يزداد عندنا كل يوم خيرا .

                                                                          وقال أبو قدامة : سمعت أحمد بن حنبل يقول : أبو عبيد أستاذ .

                                                                          وقال عبد الخالق بن منصور : سئل يحيى بن معين عن أبي عبيد فقال : ثقة .

                                                                          وروي عن حمدان بن سهل قال : سألت يحيى بن معين عن الكتابة عن أبي عبيد ، والسماع منه فتبسم ، وقال : مثلي يسأل عن أبي عبيد أبو عبيد يسأل عن الناس ! .

                                                                          وقال أبو عبيد الآجري : سئل أبو داود عن القاسم بن سلام فقال : ثقة مأمون .

                                                                          وقال أبو عبد الرحمن السلمي النيسابوري : سألت أبا الحسن الدارقطني عن أبي عبيد فقال : إمام ثقة جبل ، وسلام والده رومي .

                                                                          وقال أبو نصر الوائلي السجزي : سمعت محمد بن عبد الله [ ص: 359 ] الحافظ يقول : كان أبو محمد - يعني : ابن قتيبة - يتعاطى التقدم في علوم كثيرة ، ولم يرضه أهل علم منها ، وإنما الإمام المقبول عند الكل أبو عبيد القاسم بن سلام .

                                                                          وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي : أدركت ثلاثة لن يرى مثلهم أبدا تعجز النساء أن يلدن مثلهم رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما مثلته إلا بجبل نفخ فيه روح ، ورأيت بشر بن الحارث فما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا ، ورأيت أحمد بن حنبل فرأيت كأن الله جمع له علم الأولين من كل صنف يقول ما شاء ، ويمسك ما شاء .

                                                                          وقال أحمد بن كامل بن خلف القاضي : كان أبو عبيد فاضلا في دينه ، وفي علمه ربانيا مفتيا في أصناف من علوم الإسلام من القرآن ، والفقه ، والأخبار ، والعربية حسن الرواية صحيح النقل . لا أعلم أحدا من الناس طعن عليه في شيء من أمره ، ودينه .

                                                                          وقال سليمان بن أحمد الطبراني عن عبد الله بن أحمد بن حنبل : عرضت كتاب " غريب الحديث " لأبي عبيد على أبي فاستحسنه قال : جزاه الله خيرا .

                                                                          [ ص: 360 ] وقال أبو عمران موسى بن محمد بن عبد الله الخياط عن عبد الله بن أحمد بن حنبل : كتب أبي كتاب " غريب الحديث " الذي ألفه أبو عبيد أولا .

                                                                          وقال عبد الله بن محمد بن سيار : سمعت ابن عرعرة يقول : كان طاهر بن عبد الله - كذا في الأصل ، والصواب عبد الله بن طاهر - ببغداد فطمع في أن يسمع من أبي عبيد ، وطمع أن يأتيه في منزله فلم يفعل أبو عبيد حتى كان هذا يأتيه فقدم علي بن المديني ، وعباس العنبري فأرادا أن يسمعا " غريب الحديث " ، وكان يحمل كل يوم كتابه ، ويأتيهما في منزلهما فيحدثهما فيه .

                                                                          وقال أحمد بن يوسف التغلبي : لما عمل أبو عبيد كتاب " غريب الحديث " عرض على عبد الله بن طاهر فاستحسنه ، وقال إن عقلا بعث صاحبه على عمل مثل هذا الكتاب لحقيق أن لا يخرج إلى طلب المعاش فأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر - كذا في هذه الرواية .

                                                                          وفي رواية أخرى عن الحارث بن أبي أسامة قال : حمل " غريب حديث " أبي عبيد إلى عبد الله بن طاهر فلما نظر فيه . قال : [ ص: 361 ] هذا رجل عاقل دقيق النظر فكتب إلى إسحاق بن إبراهيم بأن يجري عليه في كل شهر خمس مائة درهم . فلما مات عبد الله بن طاهر أجرى عليه إسحاق بن إبراهيم من ماله فلما مات أبو عبيد أجرى إسحاق بن إبراهيم على ولده حتى مات .

                                                                          قال الحافظ أبو بكر الخطيب : ذكر وفاة عبد الله بن طاهر في هذا الخبر ، وهم لأن أبا عبيد مات قبل ابن طاهر بعدة سنين .

                                                                          أخبرنا يوسف بن يعقوب الشيباني قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي قال : أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ قال : أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد البادا قال : أخبرنا عبد الله بن جعفر بن بيان الزينبي قال : حدثنا عبد الله بن العباس الطيالسي قال : سمعت هلال بن العلاء الرقي يقول : من الله عز وجل على هذه الأمة بأربعة في زمانهم بالشافعي تفقه بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأحمد بن حنبل ثبت في المحنة ، ولولا ذلك كفر الناس ، وبيحيى بن معين نفى الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأبي عبيد القاسم بن سلام فسر الغريب من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولولا ذلك لاقتحم الناس في الخطإ .

                                                                          [ ص: 362 ] وبه ، قال أبو بكر بن ثابت الحافظ : قرأت على ابن التوزي - يعني أحمد بن علي بن الحسين - عن محمد بن المرزبان قال : حدثني مكرم بن أحمد قال : قال إبراهيم الحربي : كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح يحسن كل شيء إلا الحديث صناعة أحمد ، ويحيى ، وكان أبو عبيد يؤدب غلاما في شارع بشر ، وبشير ثم اتصل بثابت بن نصر بن مالك الخزاعي يؤدب ولده ثم ولي ثابت طرسوس ثماني عشرة سنة فولي أبو عبيد القضاء بطرسوس ثماني عشرة سنة فاشتغل عن كتابة الحديث كتب في حداثته عن هشيم ، وغيره . فلما صنف احتاج إلى أن يكتب عن يحيى بن صالح ، وهشام بن عمار ، وأضعف كتبه " كتاب الأموال " يجيء إلى باب فيه ثلاثون حديثا ، وخمسون أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم فيجيء بحديث حديثين يجمعهما من حديث الشام ، ويتكلم في ألفاظهما ، وليس له كتاب مثل " غريب المصنف " ، وانصرف أبو عبيد يوما من الصلاة فمر بدار إسحاق الموصلي فقالوا له : يا أبا عبيد صاحب هذه الدار يقول : إن في كتابك " غريب المصنف " ألف حرف خطأ . فقال أبو عبيد : كتاب فيه أكثر من مائة ألف يقع فيه ألف ليس بكثير ، ولعل إسحاق عنده رواية ، وعندنا رواية فلم يعلم فخطأنا ، والروايتان صواب ، ولعله أخطأ في حروف ، وأخطأنا في حروف فيبقى الخطأ شيء يسير . قال : وكتاب " غريب الحديث " [ ص: 363 ] فيه أقل من مئتي حرف سمعت ، والباقي قال الأصمعي ، وقال أبو عمرو : فيه خمسة وأربعون حديثا لا أصل لها أتي فيها أبو عبيد من أبي عبيدة معمر بن المثنى كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه روح يتكلم في كل صنف من العلم .

                                                                          وبهذا الإسناد إلى محمد بن المرزبان قال : قال عبد الله بن جعفر - يعني : ابن درستويه الفارسي النحوي - من علماء بغداد المحدثين النحويين على مذهب الكوفيين ، ورواة اللغة ، والغريب عن البصريين ، والكوفيين ، والعلماء بالقراءات ، ومن جمع صنوفا من العلم ، وصنف الكتب في كل فن من العلوم ، والآداب فأكثر ، وشهر أبو عبيد القاسم بن سلام ، وكان مؤدبا لأهل هرثمة ، وصار في ناحية عبد الله بن طاهر ، وكان ذا فضل ، ودين ، وستر ، ومذهب حسن . روى عن أبي زيد الأنصاري ، وأبي عبيدة ، والأصمعي ، واليزيدي ، وغيرهم من البصريين ، وروى عن ابن الأعرابي ، وأبي زياد الكلابي ، وعن الأموي ، وأبي عمرو الشيباني ، والكسائي ، والأحمر ، والفراء ، وروى الناس من كتبه المصنفة بضعة وعشرين كتابا في القرآن ، والفقه ، وغريب الحديث ، والغريب المصنف ، والأمثال ، ومعاني القرآن ، ومعاني الشعر ، وغير ذلك ، وله كتب لم يروها قد رأيتها في ميراث بعض الطاهريين [ ص: 364 ] تباع كثيرة في أصناف الفقه كله ، وبلغنا أنه كان إذا صنف كتابا أهداه إلى عبد الله بن طاهر فيحمل إليه مالا خطيرا استحسانا لذلك ، وكتبه مستحسنة مطلوبة في كل بلد ، والرواة عنه مشهورون ثقات ذوو ذكر ونبل .

                                                                          قال : وقد سبق إلى جميع مصنفاته فمن ذلك " الغريب المصنف " ، وهو من أجل كتبه في اللغة فإنه احتذى فيه كتاب النضر بن شميل المازني الذي يسميه كتاب " الصفات " . وبدأ فيه بخلق الإنسان ثم بخلق الفرس ثم بالإبل فذكر صنفا بعد صنف حتى أتى على جميع ذلك ، وهو أكبر من كتاب أبي عبيد وأجود ، ومنها كتاب " الأمثال " ، وقد سبقه إلى ذلك جميع البصريين ، والكوفيين ، والأصمعي ، وأبو زيد ، وأبو عبيدة ، والنضر بن شميل ، والمفضل الضبي ، وابن الأعرابي إلا أنه جمع روايتهم في كتابه فبوبه أبوابا ، وأحسن تأليفه . وكتاب " غريب الحديث " أول من عمله أبو عبيدة معمر بن المثنى ، وقطرب ، والأخفش ، والنضر بن شميل ، ولم يأتوا بالأسانيد ، وعمل أبو عدنان النحوي البصري كتابا في " غريب الحديث " ، وذكر فيه الأسانيد ، وصنفه على أبواب السنن ، والفقه إلا أنه ليس بالكبير فجمع أبو عبيد عامة ما في [ ص: 365 ] كتبهم وفسره وذكر الأسانيد وصنف المسند على حدته وأحاديث كل رجل من الصحابة ، والتابعين على حدته ، وأجاد تصنيفه فرغب فيه أهل الحديث ، والفقه ، واللغة لاجتماع ما يحتاجون إليه فيه . وكذلك كتابه في " معاني القرآن " ، وذلك أن أول من صنف في ذلك من أهل اللغة أبو عبيدة معمر بن المثنى ثم قطرب بن المستنير ثم الأخفش ، وصنف من الكوفيين الكسائي ثم الفراء . فجمع أبو عبيد من كتبهم ، وجاء فيه بالآثار ، وأسانيدها ، وتفاسير الصحابة ، والتابعين ، والفقهاء ، وروى النصف منه ومات قبل أن يسمع منه باقيه ، وأكثره غير مروي عنه . وأما كتبه في الفقه فإنه عمد إلى مذهب مالك ، والشافعي فتقلد أكثر ذلك ، وأتى بشواهده ، وجمعه من حديثه ، ورواياته ، واحتج فيها باللغة ، والنحو فحسنها بذلك ، وله في القراءات كتاب جيد ليس لأحد من الكوفيين قبله مثله . وكتابه في " الأموال " من أحسن ما صنف في الفقه ، وأجوده .

                                                                          وبه قال أبو بكر بن ثابت : أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قال : حدثنا العباس بن أحمد بن الفضل الهاشمي .

                                                                          (ح) قال : وأخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد بن علي الدربندي قال : حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد التوزي بالبصرة .

                                                                          [ ص: 366 ] قالا : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن علي الهجيمي قال : حدثني جعفر بن محمد بن علي بن المديني قال : سمعت أبي يقول : خرج أبي إلى أحمد بن حنبل يعوده ، وأنا معه ، وعنده يحيى بن معين - وذكر جماعة من المحدثين - قال : فدخل أبو عبيد القاسم بن سلام فقال له يحيى بن معين اقرأ علينا كتابك الذي عملته للمأمون في غريب الحديث فقال هاتوه قال : فجاؤوا بالكتاب فأخذه أبو عبيد فجعل يقرأ الأسانيد ، ويدع تفسير الغريب فقال له أبي : يا أبا عبيد دعنا من الأسانيد نحن أحدق بها منك فقال يحيى بن معين لعلي بن المديني : دعه يقرأ على الوجه فإن ابنك محمدا معك ، ونحن نحتاج أن نسمعه على الوجه فقال أبو عبيد : ما قرأته إلا على المأمون فإن أحببتم أن تقرؤه فاقرؤوه . قال : فقال له علي بن المديني : إن قرأته علينا ، وإلا فلا حاجة لنا فيه ، ولم يعرف أبو عبيد علي بن المديني فقال ليحيى بن معين : من هذا ؟ قال : هذا علي بن المديني فالتزمه ، وقرأه علينا فمن حضر ذلك المجلس جاز أن يقول : حدثنا ، وغير ذلك فلا يقول .

                                                                          وبه ، قال : حدثنا هلال بن المحسن الكاتب قال : أخبرنا أحمد بن علي بن الجراح الخزاز قال : حدثنا أبو بكر ابن الأنباري قال : كان أبو عبيد يقسم الليل أثلاثا فيصلي ثلثه ، وينام ثلثه ، ويضع الكتب ثلثه .

                                                                          [ ص: 367 ] وبه ، قال : حدثني العلاء بن أبي المغيرة الأندلسي قال : أخبرنا علي بن بقاء الوراق بمصر قال : أخبرنا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال : في كتاب الطهارة لأبي عبيد القاسم بن سلام حديثان ما حدث بهما غير أبي عبيد ، ولا عن أبي عبيد غير محمد بن يحيى المروزي أحدهما حديث شعبة عن عمرو بن أبي وهب ، والآخر حديث عبيد الله بن عمر عن سعيد المقبري حدث به عن يحيى القطان عن عبيد الله ، وحدث به الناس عن يحيى القطان عن ابن عجلان .

                                                                          وقد وقع لنا الحديثان بعلو في جملة الكتاب .

                                                                          أخبرنا أبو الحسن ابن البخاري في جماعة قالوا أخبرنا أبو حفص بن طبرزد .

                                                                          (ح) ، وأخبرنا أبو العز بن الصيقل الحراني قال : أخبرنا أبو علي بن الخريف .

                                                                          قالا : أخبرنا القاضي أبو بكر الأنصاري قال : أخبرنا أبو محمد الجوهري بقراءة الحافظ أبي بكر الخطيب قال : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري قال : أخبرنا محمد بن يحيى بن سليمان المروزي قال : أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال : حدثنا حجاج عن شعبة عن عمرو بن [ ص: 368 ] أبي وهب الخزاعي عن موسى بن ثروان البجلي عن طلحة بن عبيد الله بن كريز الخزاعي عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل لحيته .

                                                                          وبه ، قال : أخبرنا أبو عبيد قال : حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : رأت عائشة عبد الرحمن يتوضأ فقالت : يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ويل للأعقاب من النار ".

                                                                          وأخبرنا يوسف بن يعقوب قال : أخبرنا أبو اليمن الكندي قال : أخبرنا أبو منصور القزاز قال : أخبرنا أبو بكر بن ثابت الحافظ قال : أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال : حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال : حدثنا عبدان بن محمد المروزي قال : حدثنا أبو سعيد الضرير قال : كنت عند عبد الله بن طاهر فورد عليه نعي أبي عبيد فقال : يا أبا سعيد مات أبو عبيد ثم أنشأ يقول :

                                                                          يا طالب العلم قد مات ابن سلام وكان فارس علم غير محجام     مات الذي كان فينا ربع أربعة
                                                                          لم يلق مثلهم أستاذ أحكام     حبر البرية عبد الله أولهم
                                                                          وعامر ، ونعم التلو يا عام [ ص: 369 ]     هما اللذان أنافا فوق غيرهما
                                                                          والقاسمان ابن معن ، وابن سلام

                                                                          .

                                                                          قال : وكان عبد الله بن طاهر يقول : علماء الناس أربعة : عبد الله بن عباس في زمانه ، والشعبي في زمانه ، والقاسم بن معن في زمانه ، وأبو عبيد القاسم بن سلام في زمانه .

                                                                          ومناقبه ، وفضائله كثيرة جدا ، وقد ذكرنا ما قيل في تاريخ وفاته ، ومبلغ سنه في أوائل الترجمة .

                                                                          ذكره البخاري في كتاب " القراءة خلف الإمام " قال : رأيت أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني ، وإسحاق بن راهويه ، وأبا عبيد ، وعامة أصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ما تركه أحد من المسلمين .

                                                                          قال البخاري : من الناس بعدهم ؟ وحكى عنه أيضا في كتاب " أفعال العباد " .

                                                                          وذكره أبو داود في " كتاب الزكاة " وغيره في تفسير أسنان الإبل ، وغير ذلك .

                                                                          [ ص: 370 ] ، ولهم شيخ آخر يقال له :

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية