باب الدال والعين وما يثلثهما
( دعو ) الدال والعين والحرف المعتل أصل واحد ، وهو أن تميل الشيء إليك بصوت وكلام يكون منك . تقول : دعوت أدعو دعاء . والدعوة إلى الطعام بالفتح ، والدعوة في النسب بالكسر . قال
أبو عبيدة : يقال في النسب دعوة ، وفي الطعام دعوة . هذا أكثر كلام العرب إلا عدي الرباب ، فإنهم
[ ص: 280 ] ينصبون الدال في النسب ويكسرونها في الطعام . قال
الخليل : الادعاء أن تدعي حقا لك أو لغيرك . تقول ادعى حقا ، أو باطلا . قال
امرؤ القيس :
لا وأبيك ابنة العامر ي لا يدعي القوم أني أفر
، والادعاء في الحرب : الاعتزاء ، وهو أن تقول : أنا ابن فلان قال :
ونجر في الهيجا الرماح وندعي
، وداعية اللبن : ما يترك في الضرع ليدعو ما بعده . وهذا تمثيل وتشبيه . وفي الحديث أنه قال للحالب : " دع داعية اللبن " . ثم يحمل على الباب ما يضاهيه في القياس الذي ذكرناه ، فيقولون : دعا الله فلانا بما يكره; أي أنزل به ذلك قال :
دعاك الله من ضبع بأفعى
لأنه إذا فعل ذلك بها فقد أماله إليها .
وتداعت الحيطان ، وذلك إذا سقط واحد ، وآخر بعده ، فكأن الأول دعا الثاني . وربما قالوا : داعيناها عليهم ، إذا هدمناها واحدا بعد آخر . ودواعي الدهر : صروفه ، كأنها تميل الحوادث . ولبني فلان أدعية يتداعون بها ، وهي مثل الأغلوطة ، كأنه يدعو المسئول إلى إخراج ما يعميه عليه . وأنشد
أبو عبيد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي :
[ ص: 281 ] أداعيك ما مستصحبات مع السرى حسان وما آثارها بحسان
ومن الباب : ما بالدار دعوي ، أي ما بها أحد ، كأنه ليس بها صائح يدعو بصياحه .
ويحمل على الباب مجازا أن يقال : دعا فلانا مكان كذا ، إذا قصد ذلك المكان ، كأن المكان دعاه . وهذا من فصيح كلامهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذو الرمة :
دعت مية الأعداد واستبدلت بها خناطيل آجال من العين خذل
بَابُ الدَّالِ وَالْعَيْنِ وَمَا يَثْلُثُهُمَا
( دَعَوَ ) الدَّالُ وَالْعَيْنُ وَالْحَرْفُ الْمُعْتَلُّ أَصْلٌ وَاحِدٌ ، وَهُوَ أَنْ تُمِيلَ الشَّيْءَ إِلَيْكَ بِصَوْتٍ وَكَلَامٍ يَكُونُ مِنْكَ . تَقُولُ : دَعَوْتُ أَدْعُو دُعَاءً . وَالدَّعْوَةُ إِلَى الطَّعَامِ بِالْفَتْحِ ، وَالدِّعْوَةُ فِي النَّسَبِ بِالْكَسْرِ . قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : يُقَالُ فِي النَّسَبِ دِعْوَةٌ ، وَفِي الطَّعَامِ دَعْوَةٌ . هَذَا أَكْثَرُ كَلَامِ الْعَرَبِ إِلَّا عَدِيَّ الرِّبَابِ ، فَإِنَّهُمْ
[ ص: 280 ] يَنْصِبُونَ الدَّالَ فِي النَّسَبِ وَيَكْسِرُونَهَا فِي الطَّعَامِ . قَالَ
الْخَلِيلُ : الِادِّعَاءُ أَنْ تَدَّعِيَ حَقًّا لَكَ أَوْ لِغَيْرِكَ . تَقُولُ ادَّعَى حَقًّا ، أَوْ بَاطِلًا . قَالَ
امْرُؤُ الْقَيْسِ :
لَا وَأَبِيكِ ابْنَةَ الْعَامِرِ يِّ لَا يَدَّعِي الْقَوْمُ أَنِّي أَفِرُّ
، وَالِادِّعَاءُ فِي الْحَرْبِ : الِاعْتِزَاءُ ، وَهُوَ أَنْ تَقُولَ : أَنَا ابْنُ فُلَانٍ قَالَ :
وَنَجِرُّ فِي الْهَيْجَا الرِّمَاحَ وَنَدَّعِي
، وَدَاعِيَةُ اللَّبَنِ : مَا يُتْرَكُ فِي الضَّرْعِ لِيَدْعُوَ مَا بَعْدَهُ . وَهَذَا تَمْثِيلٌ وَتَشْبِيهٌ . وَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَالِبِ : " دَعْ دَاعِيَةَ اللَّبَنِ " . ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْبَابِ مَا يُضَاهِيهِ فِي الْقِيَاسِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ ، فَيَقُولُونَ : دَعَا اللَّهُ فُلَانًا بِمَا يَكْرَهُ; أَيْ أَنْزَلَ بِهِ ذَلِكَ قَالَ :
دَعَاكِ اللَّهُ مِنْ ضَبُعٍ بِأَفْعَى
لِأَنَّهُ إِذَا فَعَلَ ذَلِكَ بِهَا فَقَدْ أَمَالَهُ إِلَيْهَا .
وَتَدَاعَتِ الْحِيطَانُ ، وَذَلِكَ إِذَا سَقَطَ وَاحِدٌ ، وَآخَرُ بَعْدَهُ ، فَكَأَنَّ الْأَوَّلَ دَعَا الثَّانِيَ . وَرُبَّمَا قَالُوا : دَاعَيْنَاهَا عَلَيْهِمْ ، إِذَا هَدَمْنَاهَا وَاحِدًا بَعْدَ آخَرَ . وَدَوَاعِي الدَّهْرِ : صُرُوفُهُ ، كَأَنَّهَا تُمِيلُ الْحَوَادِثَ . وَلِبَنِي فُلَانٍ أَدْعِيَةٌ يَتَدَاعَوْنَ بِهَا ، وَهِيَ مِثْلُ الْأُغْلُوطَةِ ، كَأَنَّهُ يَدْعُو الْمَسْئُولَ إِلَى إِخْرَاجِ مَا يُعَمِّيهِ عَلَيْهِ . وَأَنْشَدَ
أَبُو عُبَيْدٍ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيِّ :
[ ص: 281 ] أُدَاعِيكَ مَا مُسْتَصْحَبَاتٌ مَعَ السُّرَى حِسَانٌ وَمَا آثَارُهَا بِحِسَانِ
وَمِنَ الْبَابِ : مَا بِالدَّارِ دُعْوِيٌّ ، أَيْ مَا بِهَا أَحَدٌ ، كَأَنَّهُ لَيْسَ بِهَا صَائِحٌ يَدْعُو بِصِيَاحِهِ .
وَيُحْمَلُ عَلَى الْبَابِ مَجَازًا أَنْ يُقَالَ : دَعَا فُلَانًا مَكَانُ كَذَا ، إِذَا قَصَدَ ذَلِكَ الْمَكَانَ ، كَأَنَّ الْمَكَانَ دَعَاهُ . وَهَذَا مِنْ فَصِيحِ كَلَامِهِمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذُو الرُّمَّةِ :
دَعَتْ مَيَّةَ الْأَعْدَادُ وَاسْتَبْدَلَتْ بِهَا خَنَاطِيلَ آجَالٍ مِنَ الْعِينِ خُذَّلِ