الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حمل ) الحاء والميم واللام أصل واحد يدل على إقلال الشيء . يقال حملت الشيء أحمله حملا . والحمل : ما كان في بطن أو على رأس شجر . يقال امرأة حامل وحاملة . فمن قال حامل قال هذا نعت لا يكون إلا للإناث . ومن قال حاملة بناه على حملت فهي حاملة . قال :


                                                          تمخضت المنون له بيوم أنى ولكل حاملة تمام

                                                          والحمل : ما كان على ظهر أو رأس . والحمالة : أن يحمل الرجل دية ثم يسعى عليها ، والضمان حمالة ، والمعنى واحد ، وهو قياس الباب .

                                                          ومما هو مضاف إلى هذا المعنى المرأة المحمل ، وهي التي تنزل لبنها من غير حبل . يقال أحملت تحمل إحمالا . ويقال ذلك للناقة أيضا . والحمول : الهوادج ، كان فيها نساء أو لم يكن . وتحاملت ، إذا تكلفت الشيء على مشقة . وقال ابن السكيت في قول الأعشى :


                                                          لا أعرفنك إن جدت عداوتنا     والتمس النصر منكم عوض تحتمل

                                                          إن الاحتمال الغضب . قال : ويقال احتمل ، إذا غضب . وهذا قياس صحيح ، لأنهم يقولون : احتمله الغضب ، وأقله الغضب ، وذلك إذا أزعجه . والحمالة والمحمل علاقة السيف . ومنه قول امرئ القيس :

                                                          [ ص: 107 ]

                                                          حتى بل دمعي محملي

                                                          والحمولة : الإبل تحمل عليها الأثقال ، كان عليها ثقل أو لم يكن . والحمولة : الإبل بأثقالها ، والأثقال أنفسها حمولة . ويقال أحملت فلانا ، إذا أعنته على الحمل . وحميل السيل : ما يحمله من غثائه . وفي الحديث : " يخرج من النار قوم فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل " . فالحميل : ما حمله السيل من غثاء . ولذلك يقال للدعي حميل . قال الكميت يعاتب قضاعة في تحولهم إلى اليمين :


                                                          علام نزلتم من غير فقر     ولا ضراء منزلة الحميل

                                                          فأما قولهم الأحمال - وهم من بني يربوع ، وهم ثعلبة وعمرو والحارث أبو سليط وصبير - فيقال إن أمهم حملتهم على ظهر في بعض أيام الفزع ، فسموا الأحمال . وإياهم أراد جرير بقوله :

                                                          أبني قفيرة من يورع وردنا     أم من يقوم لشدة الأحمال

                                                          ويقال أدل علي فحملت إدلاله واحتملت إدلاله ، بمعنى . وقال :


                                                          أدلت فلم أحمل وقالت فلم أجب     لعمر أبيها إنني لظلوم

                                                          والقياس مطرد في جميع ما ذكرناه . فأما البرق فيقال له حمل ، وهو مشتق من الحمل ، كأنه يقال حملت الشاة حملا ، والمحمول حمل وحمل ؛ كما يقال نفضت الشيء نفضا والمنفوض نفض ، وحسبت الشيء حسبا . والمحسوب حسب ، وهو [ ص: 108 ] باب مستقيم . ثم يشبه بهذا فيقال لبرج من بروج السماء حمل . قال الهذلي :


                                                          كالسحل البيض جلا لونها     سح نجاء الحمل الأسول



                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية