الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( ذم ) الذال والميم في المضاعف أصل واحد يدل كله على خلاف الحمد . يقال ذممت فلانا أذمه ، فهو ذميم ومذموم ، إذا كان غير حميد . ومن هذا الباب الذمة ، وهي البئر القليلة الماء . وفي الحديث : " أنه أتى على بئر ذمة " . وجمع الذمة ذمام . قال ذو الرمة :

                                                          [ ص: 346 ]

                                                          على حميريات كأن عيونها ذمام الركايا أنكزتها المواتح

                                                          أنكزتها : أذهبت ماءها . والمواتح : المستقية .

                                                          فأما العهد فإنه يسمى ذماما لأن الإنسان يذم على إضاعته منه . وهذه طريقة للعرب مستعملة ، وذلك كقولهم : فلان حامي الذمار ، أي يحمي الشيء الذي يغضب . وحامي الحقيقة ، أي يحمي ما يحق عليه أن يمنعه .

                                                          وأهل الذمة : أهل العقد . قال أبو عبيد : الذمة الأمان ، في قوله صلى الله عليه وآله وسلم : " ويسعى بذمتهم " . ويقال أهل الذمة لأنهم أدوا الجزية فأمنوا على دمائهم ، وأموالهم . ويقال في الذمام مذمة ومذمة ، بالفتح والكسر ، وفي الذم مذمة بالفتح . وجاء في الحديث : " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم : ما يذهب عني مذمة الرضاع ؟ فقال : غرة : عبد أو أمة " . يعني بمذمة الرضاع ذمام المرضعة . وكان النخعي يقول في تفسير هذا الحديث : إنهم كانوا يستحبون أن يرضخوا عند فصال الصبي للظئر بشيء سوى الأجر . فكأنه سأله : ما يسقط عني حق التي أرضعتني حتى أكون قد أديت حقها كاملا . حدثنا بذلك القطان عن المفسر عن القتيبي . والعرب تقول : أذهب مذمتهم بشيء; أي أعطهم شيئا; فإن لهم عليك ذماما . ويقال افعل كذا وخلاك ذم ، أي ولا ذم عليك . ويقال أذم فلان بفلان ، إذا تهاون به . وأذم به بعيره ، إذا [ ص: 347 ] أخر ، وانقطع عن سائر الإبل . وشيء مذم ، أي معيب . ورجل مذم : لا حراك به . وحكى ابن الأعرابي . بئر ذميم ، وهي مثل الذمة . أنشدنا أبو الحسن القطان عن ثعلب ، عن ابن الأعرابي .


                                                          مواشكة تستعجل الركض تبتغي     نضائض طرق ماؤهن ذميم

                                                          يصف قطاة . يقول .

                                                          وبقي في الباب ما يقرب من قياسه إن كان صحيحا . إن الذميم بثر يخرج على الأنف .

                                                          وحكى ابن قتيبة أن الذميم البول الذي يذم ويذن من قضيب التيس . قال أبو زبيد :


                                                          ترى لأخلافها من خلفها نسلا     مثل الذميم على قزم اليعامير

                                                          النسل من اللبن : ما يخرج منه . والقزم : الصغار . قال الشيباني : لا أعرف اليعامير . وسألت فلم أجد عند أحد بها علما ، ويقال هي صغار الضأن .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية