الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حق ) الحاء والقاف أصل واحد ، وهو يدل على إحكام الشيء وصحته . فالحق نقيض الباطل ، ثم يرجع كل فرع إليه بجودة الاستخراج وحسن التلفيق ويقال حق الشيء وجب . قال الكسائي : يقول العرب : " إنك لتعرف الحقة عليك ، وتعفي بما لديك " . ويقولون : " لما عرف الحقة مني انكسر " .

                                                          [ ص: 16 ] ويقال حاق فلان فلانا ، إذا ادعى كل واحد منهما ، فإذا غلبه على الحق قيل حقه وأحقه . واحتق الناس من الدين ، إذا ادعى كل واحد الحق .

                                                          وفي حديث علي عليه السلام : " إذا بلغ النساء نص الحقاق فالعصبة أولى " .

                                                          قال أبو عبيد : يريد الإدراك وبلوغ العقل . والحقاق أن تقول هذه أنا أحق ، ويقول أولئك نحن أحق . حاققته حقاقا . ومن قال " نص الحقائق " أراد جمع الحقيقة .

                                                          ويقال للرجل إذا خاصم في صغار الأشياء : " إنه لنزق الحقاق " ويقال طعنة محتقة ، إذا وصلت إلى الجوف لشدتها ، ويقال هي التي تطعن في حق الورك . قال الهذلي :


                                                          وهلا وقد شرع الأسنة نحوها من بين محتق بها ومشرم

                                                          وقال قوم : المحتق الذي يقتل مكانه . ويقال ثوب محقق ، إذا كان محكم النسج . قال :


                                                          تسربل جلد وجه أبيك إنا     كفيناك المحققة الرقاقا

                                                          والحقة من أولاد الإبل : ما استحق أن يحمل عليه ، والجمع الحقاق . قال الأعشى :

                                                          [ ص: 17 ]

                                                          وهم ما هم إذا عزت الخم     ر وقامت زقاقهم والحقاق

                                                          يقول : يباع زق منها بحق . وفلان حامي الحقيقة ، إذا حمى ما يحق عليه أن يحميه ; ويقال الحقيقة : الراية . قال الهذلي :


                                                          حامي الحقيقة نسال الوديقة مع     تاق الوسيقة لا نكس ولا وان

                                                          والأحق من الخيل : الذي لا يعرق ; وهو من الباب ; لأن ذلك يكون لصلابته وقوته وإحكامه . قال رجل من الأنصار :


                                                          وأقدر مشرف الصهوات ساط     كميت لا أحق ولا شئيت

                                                          ومصدره الحقق . وقال قوم : الأقدر أن يسبق موضع رجليه موقع يديه .

                                                          والأحق : أن يطبق هذا ذاك . والشئيت : أن يقصر موقع حافر رجليه عن موقع حافر يديه .

                                                          والحاقة : القيامة ; لأنها تحق بكل شيء . قال الله تعالى : ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين . والحقحقة أرفع السير وأتعبه للظهر . وفي حديث [ ص: 18 ] مطرف بن عبد الله لابنه : " خير الأمور أوساطها ، وشر السير الحقحقة " . والحق : ملتقى كل عظمين إلا الظهر ; ولا يكون ذلك إلا صلبا قويا .

                                                          ومن هذا الحق من الخشب ، كأنه ملتقى الشيء وطبقه . وهي مؤنثة ، والجمع حقق . وهو في شعر رؤبة :


                                                          تقطيط الحقق

                                                          ويقال فلان حقيق بكذا ومحقوق به . وقال الأعشى :


                                                          لمحقوقة أن تستجيبي لصوته     وأن تعلمي أن المعان موفق

                                                          قال بعض أهل العلم في قوله تعالى في قصة موسى عليه السلام : ( حقيق على ) . قال : واجب علي . ومن قرأها حقيق على فمعناها حريص على .

                                                          قال الكسائي حق لك أن تفعل هذا وحققت . وتقول : حقا لا أفعل ذلك ، في اليمين .

                                                          قال أبو عبيدة : ويدخلون فيه اللام فيقولون : " [ لحق ] لا أفعل ذاك " ، [ ص: 19 ] يرفعونه بغير تنوين . ويقال حققت الأمر وأحققته ، أي كنت على يقين منه .

                                                          قال الكسائي : حققت حذر الرجل وأحققته : [ فعلت ] ما كان يحذر . ويقال أحقت الناقة من الربيع ، أي سمنت .

                                                          وقال رجل لتميمي : ما حقة حقت على ثلاث حقاق ؟ قال : هي بكرة معها بكرتان ، في ربيع واحد ، سمنت قبل أن تسمنا ثم ضبعت ولم تضبعا ، ثم لقحت ولم تلقحا .

                                                          قال أبو عمرو : استحق لقحها ، إذا وجب . وأحقت : دخلت في ثلاث سنين . وقد بلغت حقتها ، إذا صارت حقة . قال الأعشى :


                                                          بحقتها ربطت في اللجي     ن حتى السديس لها قد أسن

                                                          يقال أسن السن نبت .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية