الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حبر ) الحاء والباء والراء أصل واحد منقاس مطرد ، وهو الأثر في حسن وبهاء . فالحبار : الأثر . قال الشاعر يصف فرسا :


                                                          ولم يقلب أرضها البيطار ولا لحبليه بها حبار

                                                          ثم يتشعب هذا فيقال للذي يكتب به حبر ، وللذي يكتب بالحبر حبر وحبر ، وهو العالم ، وجمعه أحبار . والحبر : الجمال والبهاء . ويقال ذو حبر وسبر . وفي الحديث : " يخرج من النار رجل قد ذهب حبره وسبره " . وقال ابن أحمر :


                                                          لبسنا حبره حتى اقتضينا     لأعمال وآجال قضينا

                                                          والمحبر : الشيء المزين . وكان يقال لطفيل الغنوي محبر ; لأنه كان يحبر الشعر ويزينه .

                                                          وقد يجيء في غير الحسن أيضا قياسا . فيقولون حبر الرجل ، إذا كان بجلده قروح فبرئت وبقيت لها آثار . والحبر : صفرة تعلو الأسنان . وثوب حبير من الباب الأول : جديد حسن . والحبرة : الفرح . قال الله تعالى : فهم في روضة يحبرون ، ويقال قدح محبر ، أجيد بريه . وأرض محبار : سريعة النبات . والحبير من السحاب : الكثير الماء .

                                                          ومما شذ عن الباب قولهم : ما فيه حبربر ، أي شيء . والحبارى : طائر ويقولون : " مات فلان كمد الحبارى " وذلك أنها تلقي ريشها مع إلقاء سائر الطير ريشه ، ويبطئ نبات ريشها . فإذا طار الطير ولم تقدر هي على الطيران ماتت كمدا . قال :

                                                          [ ص: 128 ]

                                                          وزيد ميت كمد الحبارى     إذا ظعنت هنيدة أو ملم

                                                          أي مقارب . وقال الراعي في الحبارى :


                                                          حلفت لهم لا يحسبون شتيمتي     بعيني حبارى في حبالة معزب
                                                          رأت رجلا يسعى إليها فحملقت     إليه بمأقي عينها المتقلب
                                                          تنوش برجليها وقد بل ريشها     رشاش كغسل الوفرة . . .

                                                          المعزب : الصائد ; لأنه لا يأوي إلى أهله . وحملقت : قلبت حملاق عينها . والمعنى أن شتمكم إياي لا يذهب باطلا ، فأكون بمنزلة الحبارى التي لا حيلة عندها إذا وقعت في الحبالة إلا تقليب عينها . وهي من أذل الطير . وتنوش برجليها : تضرب بهما . والغسل : الخطمي . يريد سلحت على ريشها . ومثله قول الكميت :


                                                          وعيد الحبارى من بعيد تنفشت     لأزرق معلول الأظافير بالخضب

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية