الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( حس ) الحاء والسين أصلان : فالأول غلبة الشيء بقتل أو غيره ، والثاني حكاية صوت عند توجع وشبهه .

                                                          فالأول الحس : القتل ، قال الله تعالى : إذ تحسونهم بإذنه .

                                                          ومن ذلك الحديث : " حسوهم بالسيف حسا " . وفي الحديث في الجراد : " إذا حسه البرد " . والحسيس : القتيل . قال الأفوه :


                                                          وقد تردى كل قرن حسيس

                                                          ويقال إن البرد محسة للنبات . ومن هذا حسحست الشيء من اللحم ، إذا جعلته على الجمرة ; وحشحشت أيضا . ويقول العرب : افعل ذلك قبل حساس الأيسار ، أي قبل أن يحسحسوا من جزورهم ، أي يجعلوا اللحم على النار .

                                                          ومن هذا الباب قولهم أحسست ، أي علمت بالشيء . قال الله تعالى : هل تحس منهم من أحد . وهذا محمول على قولهم قتلت الشيء علما . فقد عاد إلى الأصل الذي ذكرناه . ويقال للمشاعر الخمس الحواس ، وهي : اللمس ، والذوق ، والشم ، والسمع ، والبصر . ومن هذا الباب قولهم : من أين حسست هذا الخبر ، أي تخبرته .

                                                          ومن هذا الباب قولهم للذي يطرد الجوع بسخائه : حسحاس . قال :


                                                          واذكر حسينا في النفير وقبله     حسنا وعتبة ذا الندى الحسحاسا

                                                          [ ص: 10 ] والأصل الثاني : قولهم حس ، وهي كلمة تقال عند التوجع . ويقال حسست له فأنا أحس ، إذا رققت له ، كأن قلبك ألم شفقة عليه . ومن [ الباب ] الحس ، وهو وجع يأخذ المرأة عند ولادها . ويقال انحست أسنانه : انقلعت . وقال :


                                                          في معدن الملك القديم الكرس     ليس بمقلوع ولا منحس

                                                          ومن هذا الباب وليس بعيدا منه الحساس ، وهو سوء الخلق . قال :


                                                          رب شريب لك ذي حساس     شرابه كالحز بالمواسي

                                                          ويقال الحساس الشؤم . فهذا يصلح أن يكون من هذا ، ويصلح أن يكون من الأول لأنه يذهب بالخير .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية