( ذب ) الذال والباء في المضاعف أصول ثلاثة : أحدها طويئر ، ثم يحمل عليه ويشبه به غيره ، والآخر الحد والحدة ، والثالث الاضطراب والحركة .
فالأول الذباب ، معروف ، وواحدته ذبابة ، وجمع الجمع أذبة . ومما يشبه به ويحمل عليه ذباب العين : إنسانها . ويقال ذببت عنه ، إذا دفعت عنه ، كأنك طردت عنه الذباب التي يتأذى به . وقول
النابغة :
ضرابة بالمشفر الأذبه
فهو جمع ذباب . والمذبوب من الإبل : الذي يدخل الذباب منخره . والمذبوب : الأحمق ، كأنه شبه بالجمل المذبوب .
وأما الحد فذباب أسنان البعير : حدها . قال الشاعر :
[ ص: 349 ] وتسمع للذباب إذا تغنى كتغريد الحمام على الغصون
وذباب السيف : حده .
والأصل الثالث : الذبذبة : نوس الشيء المعلق في الهواء . والرجل المذبذب : المتردد بين أمرين . والذبذب : الذكر; لأنه يتذبذب أي يتردد . والذباذب : أشياء تعلق في هودج ، أو رأس بعير . والذب : الثور الوحشي ، ويسمى ذب الرياد . قال
ابن مقبل :
يمشي بها ذب الرياد كأنه فتى فارسي ذو سوارين رامح
وقالوا : سمي ذب الرياد لأنه يجيء ويذهب ، لا يثبت في موضع واحد .
ومن هذا الأصل الثالث قولهم ذبت شفته ، إذا ذبلت من العطش . وأنشد :
هم سقوني عللا بعد نهل من بعد ما ذب اللسان وذبل
ويقال ذب النبت ، إذا ذوى . وذب جسمه ، أي هزل .
ومن الاضطراب والحركة قولهم : ذببنا ليلتنا ، أي أتعبنا في السير . ولا ينالون الماء إلا بقرب مذبب ، أي مسرع . قال :
مذببة أضر بها بكوري وتهجيري إذا اليعفور قالا
[ ص: 350 ] وقال :
يذبب ورد على إثره وأمكنه وقع مردى خشب
والله أعلم بالصواب .
( ذَبَّ ) الذَّالُ وَالْبَاءُ فِي الْمُضَاعَفِ أُصُولٌ ثَلَاثَةٌ : أَحُدُّهَا طُوَيْئِرٌ ، ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَيْهِ وَيُشَبَّهُ بِهِ غَيْرُهُ ، وَالْآخَرُ الْحَدُّ وَالْحِدَّةُ ، وَالثَّالِثُ الِاضْطِرَابُ وَالْحَرَكَةُ .
فَالْأَوَّلُ الذُّبَابُ ، مَعْرُوفٌ ، وَوَاحِدَتُهُ ذُبَابَةٌ ، وَجَمْعُ الْجَمْعِ أَذِبَّةٌ . وَمِمَّا يُشَبَّهُ بِهِ وَيُحْمَلُ عَلَيْهِ ذُبَابُ الْعَيْنِ : إِنْسَانُهَا . وَيُقَالُ ذَبَبْتُ عَنْهُ ، إِذَا دَفَعْتَ عَنْهُ ، كَأَنَّكَ طَرَدْتَ عَنْهُ الذُّبَابَ الَّتِي يَتَأَذَّى بِهِ . وَقَوْلُ
النَّابِغَةِ :
ضَرَّابَةٍ بِالْمِشْفَرِ الأَّذِبَّهْ
فَهُوَ جَمْعُ ذُبَابٍ . وَالْمَذْبُوبُ مِنَ الْإِبِلِ : الَّذِي يَدْخُلُ الذُّبَابُ مَنْخَرَهُ . وَالْمَذْبُوبُ : الْأَحْمَقُ ، كَأَنَّهُ شُبِّهَ بِالْجَمَلِ الْمَذْبُوبِ .
وَأَمَّا الْحَدُّ فَذُبَابُ أَسْنَانِ الْبَعِيرِ : حَدُّهَا . قَالَ الشَّاعِرُ :
[ ص: 349 ] وَتَسْمَعُ لِلذُّبَابِ إِذَا تَغَنَّى كَتَغْرِيدِ الْحَمَامِ عَلَى الْغُصُونِ
وَذُبَابُ السَّيْفِ : حَدُّهُ .
وَالْأَصْلُ الثَّالِثُ : الذَّبْذَبَةُ : نَوْسُ الشَّيْءِ الْمُعَلَّقِ فِي الْهَوَاءِ . وَالرَّجُلُ الْمُذَبْذَبُ : الْمُتَرَدِّدُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ . وَالذَّبْذَبُ : الذَّكَرُ; لِأَنَّهُ يَتَذَبْذَبُ أَيْ يَتَرَدَّدُ . وَالذَّبَاذِبُ : أَشْيَاءُ تُعَلَّقُ فِي هَوْدَجٍ ، أَوْ رَأْسِ بَعِيرٍ . وَالذَّبُّ : الثَّوْرُ الْوَحْشِيُّ ، وَيُسَمَّى ذَبَّ الرِّيَادِ . قَالَ
ابْنُ مُقْبِلٍ :
يُمَشِّي بِهَا ذَبُّ الرِّيَادِ كَأَنَّهُ فَتًى فَارِسِيٌّ ذُو سِوَارَيْنِ رَامِحُ
وَقَالُوا : سُمِّيَ ذَبَّ الرِّيَادِ لِأَنَّهُ يَجِيءُ وَيَذْهَبُ ، لَا يَثْبُتُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ .
وَمِنْ هَذَا الْأَصْلِ الثَّالِثِ قَوْلُهُمْ ذَبَّتْ شَفَتُهُ ، إِذَا ذَبَُلَتْ مِنَ الْعَطَشِ . وَأَنْشَدَ :
هُمُ سَقَوْنِي عَلَلًا بَعْدَ نَهَلْ مِنْ بَعْدِ مَا ذَبَّ اللِّسَانُ وَذَبَُلْ
وَيُقَالُ ذَبَّ النَّبْتُ ، إِذَا ذَوَى . وَذَبَّ جِسْمُهُ ، أَيْ هَزُلَ .
وَمِنَ الِاضْطِرَابِ وَالْحَرَكَةِ قَوْلُهُمْ : ذَبَبْنَا لَيْلَتَنَا ، أَيْ أَتْعَبْنَا فِي السَّيْرِ . وَلَا يَنَالُونَ الْمَاءَ إِلَّا بِقَرَبٍ مُذَبِّبٍ ، أَيْ مُسْرِعٍ . قَالَ :
مُذَبِّبَةً أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي وَتَهْجِيرِي إِذَا الْيَعْفُورُ قَالَا
[ ص: 350 ] وَقَالَ :
يُذَبِّبُ وَرْدٌ عَلَى إِثْرِهِ وَأَمْكَنَهُ وَقْعُ مِرْدًى خَشِبْ
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ .