الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          975 - (ت) : جندب الخير الأزدي الغامدي قاتل الساحر يكنى أبا عبد الله له صحبة ، يقال : إنه جندب بن زهير ، ويقال : جندب بن عبد الله ، ويقال : جندب بن كعب بن عبد الله بن حر بن عامر بن مالك بن عامر بن دهمان بن ثعلبة بن [ ص: 142 ] ظبيان بن غامد ، واسمه : عمرو بن عبد الله بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأسود .

                                                                          روى عن : النبي صلى الله عليه وسلم (ت) ، حد الساحر ضربة بالسيف ، وعن سلمان الفارسي وعلي بن أبي طالب .

                                                                          روى عنه : تميم بن الحارث الأزدي ، وحارثة بن وهب الخزاعي الصحابي ، والحسن البصري (ت) ، وحيان بن الحارث البارقي ، وعبد الله بن شريك العامري ، وعبد الرحمن بن يزيد ، وأبو السابغة النهدي ، وأبو عثمان النهدي .

                                                                          قال علي بن عبد العزيز عن أبي عبيد : جندب الخير هو جندب بن عبد الله بن ضبة ، وجندب بن كعب قاتل الساحر ، وجندب بن عفيف ، وجندب بن زهير ، كان على رجالة علي ، وقتل معه بصفين .

                                                                          قال أبو عبيد : هؤلاء الأربعة جنادب من الأزد .

                                                                          وقال أبو عبد الله بن منده : جندب بن كعب قاتل الساحر ، عداده في أهل الكوفة ،

                                                                          قال علي ابن المديني ، هو جندب بن زهير .

                                                                          وقال البخاري : جندب بن كعب قاتل الساحر [ ص: 143 ]

                                                                          وقال الأعمش عن إبراهيم : أراه عن عبد الرحمن بن يزيد أن جندب قتل الساحر زمن الوليد بن عقبة .

                                                                          وقال أبو القاسم البغوي : جندب بن كعب يقال : إنه قاتل الساحر يشك في صحبته .

                                                                          وقال أبو القاسم الطبراني : جندب بن كعب الأزدي ، وقد اختلف في صحبته ،

                                                                          حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي ، قال : حدثنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم القطيعي ، قال : حدثنا هشيم ، قال : حدثنا خالد الحذاء ، عن أبي عثمان النهدي : أن ساحرا كان يلعب عند الوليد بن عقبة فكان يأخذ السيف ويذبح نفسه ويعمل كذا ولا يضره فقام جندب إلى السيف ، فأخذه فضرب عنقه ، ثم قال أفتأتون السحر وأنتم تبصرون

                                                                          أخبرنا بذلك أبو إسحاق ابن الدرجي بالإسناد المذكور أيضا عن الطبراني .

                                                                          وقال عبد الله بن وهب : أخبرني ابن لهيعة ، عن أبي الأسود : أن الوليد بن عقبة كان بالعراق يلعب بين يديه ساحر فكان يضرب رأس الرجل ، فيقوم خارجا ، ثم يصيح به فيرتد إليه رأسه ، فقال الناس سبحان الله يحيي الموتى فأتاه رجل من [ ص: 144 ] صالح المهاجرين فنظر إليه فلما كان من الغد ، اشتمل على سيفه ، فذهب يلعب لعبه ذلك فاخترط الرجل سيفه فضرب عنقه ، وقال إن كان صادقا فليحي نفسه ، فأمر به الوليد دينارا صاحب السجن ، وكان رجلا صالحا فسجنه ، فأعجبه نحو الرجل ، فقال : أتستطيع أن تهرب قال : نعم قال فاخرج لا يسألني الله عنك أبدا .

                                                                          وقال أبو الحسن الدارقطني : أخبرنا منصور بن محمد الأصبهاني معلم الأمير ابن بدر ، قال : حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن أحمد بن زيرك ، قال : حدثنا عبد الواحد بن محمد ، قال : حدثنا أبو المنذر هشام بن محمد ، قال : حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى ، قال حدثني خالي الصقعب بن زهير بن عبد الله بن زهير بن سليم الأزدي عن محمد بن مخنف قال : كان أول عمال عثمان أحدث منكرا الوليد بن عقبة كان يدني السحرة ويشرب الخمر ، وكان يجالسه على شرابه أبو زبيد الطائي ، وكان نصرانيا ، وكان صفيا له ، فأنزله دار القبطي ، وكانت لعثمان بن عفان اشتراها من عقيل بن أبي طالب ، وكانت لأضيافه ، وكان يجالس أيضا على شرابه عبد الرحمن بن حبيش الأسدي ، وكان الناس يتذاكرون شربهم وإسرافهم على أنفسهم فخرج بكير بن حمران الأحمري من القصر ، فأتى النعمان بن أوس المزني ، وجرير بن عبد الله البجلي فأسر إليهما أن الوليد يشرب الساعة فقاما ومعهما رجل من جلسائهما فمروا بحذيفة بن اليمان فأخبروه [ ص: 145 ] الخبر فقال ادخلا عليه فانظرا إن أحببتما ، فمضيا حتى دخلا عليه فسلما ، ونظر إليهما الوليد ، فأخذ كل شيء كان بين يديه فأدخله تحت السرير ، فأقبلا حتى جلسا ، فقال لهما : ما جاء بكما؟ قالا : ما هذا الذي تحت السرير؟ ولم يريا بين يديه شيئا فأدخلا أيديهما تحت السرير ، فإذا هو طبق عليه قطف من عنب ، قد أكل عامته فاستحييا ، وقاما فأخذا يظهران عذره ، ويردان الناس عنه ، ثم لم يرعهما من الوليد إلا وقد أخرج سريره فوضعه في صحن المسجد ، وجاء ساحر يدعى بطروني - وكان ابن الكلبي يسميه البشتاني - من أهل بابل فاجتمع إليه الناس فأخذ يريهم الأعاجيب يريهم حبلا في المسجد مستطيلا وعليه فيل يمشي وناقة تخب وفرس يركض والناس يتعجبون مما يرون ، ثم يدع ذلك ويريهم حمارا يجيء يشتد حتى يدخل من فيه ، فيخرج من دبره ، ثم يعود فيدخل من دبره فيخرج من فيه ، ثم يريهم رجلا قائما ، ثم يضرب عنقه ، فيقع رأسه جانبا ، ويقع الجسد جانبا ، ثم يقول : له قم فيرونه يقوم ، وقد عاد حيا كما كان ، فرأى جندب بن كعب ذلك ، فخرج إلى معقل مولى لصقعب بن زهير بن أنس الأزدي وكانت عنده سيوف ، وكان معقل صيقلا ، فقال أعطني سيفا قاطعا ، فأعطاه إياه ، فأقبل فمر على معضد التيمي من بني تيم الله من ثعلبة ، فقال له : أين تريد يا أبا عبد الله؟ قال : أريد أن أقتل هذا الطاغوت الذي الناس عليه عكوف ، قال : من تعني؟ قال : هذا العلج الساحر الذي سحر أميرنا الفاجر العاتي فإني والله لقد مثلت [ ص: 146 ] الرأي فيهما فظننت أني إن قتلت الأمير سيوقع بيننا فرقة تورث عداوة فأجمع رأيي على قتل الساحر ، قال : فاقتله ولا تك في شك فأنت على هدى ، وأنا شريكك ، فجاء حتى انتهى إلى المسجد ، والناس فيه مجتمعون على الساحر ، وقد التحف على السيف بمطرف كان عليه ، فدخل بين الناس فقال أفرجوا أفرجوا ، فأفرجوا له ودنا من العلج ، فشد عليه فضربه بالسيف فأذرى رأسه ، ثم قال أحي نفسك ، فقال الوليد علي به فأقبل به إليه عبد الرحمن بن حبيش الأسدي ، وهو على شرطه ، فقال : اضرب عنقه فقام مخنف بن سليم في رجال من الأزد فقالوا سبحان الله أيقتل صاحبنا بعلج ساحر؟ لا يكون هذا أبدا ، فحالوا بين عبد الرحمن وبين جندب ، فقال الوليد علي بمضر فقام إليه شبث بن ربعي ، فقال : لم تدعو مضر تريد أن تستعين بمضر على قوم منعوا أخاهم منك أن تقتله بعلج ساحر كافر من أهل السواد لا تجيبك والله مضر إلى الباطل ، ولا إلى ما لا يحل ، فقال الوليد انطلقوا به إلى السجن حتى أكتب فيه إلى عثمان ، قالوا أما السجن فإنا لا نمنعك أن تحبسه ، فلما حبس جندب أقبل ليس له عمل إلا الصلاة الليل كله ، وعامة النهار ، فنظر إليه رجل يدعى دينارا ، ويكنى أبا سنان ، وكان صالحا مسلما ، وكان على سجن الوليد ، فقال له : يا أبا عبد الله ما رأيت رجلا قط خيرا منك فاذهب رحمك الله حيث أحببت ، فقد أذنت لك ، قال فإني أخاف عليك هذا الطاغية أن يقتلك ، قال أبو سنان ما [ ص: 147 ] أسعدني إن قتلني ، انطلق أنت راشدا ، فخرج فانطلق إلى المدينة ، وبعث الوليد إلى أبي سنان فأمر به فأخرج إلى السبخة ، فقتل فانطلق جندب بن كعب ، فلحق بالحجاز ، فأقام بها سنين ، ثم إن مخنفا وجندب بن زهير قدما على عثمان ، فأتيا عليا ، فقصا عليه ، قصة جندب بن كعب ، فأقبل علي فدخل معهما على عثمان ، فكلمه في جندب بن كعب ، وأخبره بظلم الوليد له ، فكتب عثمان إلى الوليد أما بعد : فإن مخنف بن سليم ، وجندب بن زهير ، شهدا عندي لجندب بن كعب بالبراءة ، وظلمك إياه فإذا قدما عليك فلا تأخذن جندبا بشيء ما كان بينك وبينه ولا الشاهدين بشهادتهما ، فإني والله أحسبهما قد صدقا ، ووالله لئن أنت لم تعتب وتتب لأعزلنك عنهم عاجلا والسلام .

                                                                          روى له الترمذي حديثا واحدا .

                                                                          أخبرنا به أبو الحسن ابن البخاري ، قال : أنبأنا أبو العز عبد الباقي بن عثمان بن محمد الهمذاني في كتابه إلينا من همذان ، قال : أخبرنا الحافظ أبو جعفر محمد بن الحسين بن محمد المروذي بهمذان ، قال : أخبرنا أبو الحسين بن النقور ببغداد ، قال : حدثنا أبو القاسم عيسى بن علي بن عيسى بن داود بن الجراح ، قال : حدثنا أبي أبو الحسن علي بن عيسى ، قال : حدثنا أحمد بن بديل ، قال : حدثنا أبو معاوية ، قال : حدثنا [ ص: 148 ] إسماعيل بن مسلم عن الحسن عن جندب الخير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حد الساحر ضربة بالسيف .

                                                                          رواه عن أحمد بن منيع عن أبي معاوية ، وقال : لا نعرفه مرفوعا إلا من هذا الوجه ، والصحيح عن جندب موقوف

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية